أدان رئيس الجمهورية قيس سعيّد في كلمة له اليوم الاثنين 29 جانفي 2024 في افتتاح قمة إيطاليا–إفريقيا المقامة بالعاصمة الإيطالية روما ”حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على كل شعب فلسطين”.
وشدد رئيس الجمهورية على أن السلم “لن تستتب إلا بتحرير كل فلسطين وإقامة الشعب الفلسطيني دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف”، وفق تعبيره.
وقال سعيد :”ومن المواضيع التي لا يتضمنها صراحة جدول أعمال هذا الاجتماع، ولكن يقتضي الواجب استحضاره وعدم إغفاله حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني في فلسطين على كل شعب فلسطين، فلا تكاد تمر دقائق معدودات حتى يرتقي شهيد أو يصاب جريح أو يهدم بيت أو يقصف ملجأ أو يدمر مشفى.”
وأضاف :”ومن دواعي الأسف تواتر الحديث في الأسابيع الأخيرة عن شكل جديد من أشكال الدول، دولة بلا أدنى مقومات الدولة وأولها السيادة، دولة أشبه بحكومات دون سلطة فعلية أو بالحكومات في المهجر كالحكومة التشيكوسلافية التي تم الإعلان عنها بباريس في فترة ما بين الحربين، إذ تساءل رئيسها هازئا ومتألما في نفس الوقت قائلا هل يمكن القبول بوجود دولة لا تتجاوز مساحة إقليمها مساحة شقة باريسية.”
وتابع :”وأكثر من هذا، يُرتب لوضع حارسٍ غاصبٍ أمام كل شقة أو كل مربع من الأرضِ المحتلة هو الذي يمنح تأشيرات الدخول أو يمنع الأذون بالخروج.”
كما انتقد سعيّد في خطابه سياسة التعامل مع الدول الافريقية واصفا إياها بال“عربات مجرورة ”، حيث قال:“تعددت المؤتمرات ولكن في كل مناسبة تقريبا لا تنبثق عنها سوى الإعلانات مرة في هذه العاصمة ومرة في تلك، كل يريد أن يكون قاطرة، أما الدول الافريقية فعربات مجرورة مرة في هذا الاتجاه وأخرى في ذاك”.
وقال :”والقارة الإفريقية على وجه العموم، انتشرت فيها جمرات الحروب منذ اتفاقيات برلين في أواخر القرن التاسع عشر، ولازالت منتشرة فيها نتيجة في أكثر الأحيان لتدخلات أجنبية.”
وأضاف :”فخلال أقل من ثلاثة عقود، عرفت عديد المناطق في افريقيا أكثر من خمس وثلاثين حربا أهلية، أما عن عدد اللاجئين والمهجرين، فهو يستعصي أو يكاد على الإحصاء. ومن قضى من الأفارقة من المجاعات وتفشي الأوبئة والأمراض ليس أقل عددا من الذين سقطوا في الحروب. ومؤمل الحياة في إحدى الدول الافريقية اليوم لا يتجاوز الأربعين إلا بقليل.”
وتابع:”كل هذه المآسي حصلت وتحصل في الوقت الذي تمتلك فيه افريقيا ثلث ثروات العالم، حوالي 2.4 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم على مدى السنوات العشر المقبلة وفقا لآخر تقرير لعام 2023 للثروة في افريقيا.”
وأردف :”تعددت المؤتمرات ولكن في كل مناسبة تقريبا لا تنبثق عنها سوى الإعلانات مرة في هذه العاصمة ومرة في تلك، كل يريد أن يكون قاطرة، أما الدول الافريقية فعربات مجرورة مرة في هذا الاتجاه وأخرى في ذاك.”
واستطرد قائلا :”ولكننا اليوم في روما، نلتقي بفكر جديد بمبادرة حميدة من السيدة ميلوني رئيسة مجلس الوزراء بالجمهورية الإيطالية وبمقاربات مختلفة مستحضرين خيبات الماضي وآلامه ومستشرفين لمستقبل جديد يقوم على التعامل مع افريقيا لا بمنطق العربات المجرورة، ولكن بمنطق سياقة القاطرة معا، في الاتجاه الذي نرسمه معا من أجل مجتمع إنساني جديد يقوم على العدل، ويتم فيه القضاء على كل أسباب التمييز والبؤس والفقر.
إن خطة “ماتيي” mattei ليست فقط التعاون في جملة من القطاعات، بل هي طريق في اتجاهين، طريق بها العديد من المحطات، محطات تتعلق بكل المطالب المشروعة لأي إنسان، يتصافح فيها الشمال والجنوب، تتصافح فيها افريقيا مع إيطاليا، ليمشيان الند للند واليد في اليد لفتح صفحة جديد في التاريخ.”
واختتم :”إننا لا نضع اليوم ركائز بنية أساسية بل نساهم مساهمة فاعلة في وضع بنية فكرية تقطع مع مفاهيم قديمة وتفتح آفاقا جديد أسمى وأرقى يتساوى فيها البشر ولا وجود فيها لترتيب تفاضلي للمجتمعات والدول”.
كما أعلنت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها مساء اليوم الاثنين 29 جانفي 2024 ان الرئيس قيس سعيّد أكد خلال محادثة جمعته اليوم بمناسبة اختتام مشاركته في قمة ايطاليا-افريقيا بروما بجورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية على” أهمية تعزيز الإحاطة بالتونسيين المقيمين في إيطاليا وتسهيل الإجراءات لفائدتهم والتشجيع على الهجرة المنظمة في اطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين”.
وجاء في بلاغ الرئاسة أن اللقاء “تناول ايضا متابعة نتائج مسار روما حول الهجرة الذي انعقدت دورته الأولى بروما في شهر جويلية 2023 والإعداد لعقد الاجتماع الثاني بتونس”.
واضافت ان المحادثة “تطرقت أيضا إلى قمة إيطاليا-افريقيا وضرورة تطوير العمل الجماعي من أجل رفع التحديات المتعددة التي تواجهها القارة الافريقية اليوم” وانه” تم التأكيد على المكانة الاستراتيجية التي ستحظى بها تونس في البرامج التنفيذية التي سيتم اعدادها في الغرض”.
واشارت الرئاسة الى ان انه “تم ايضا استعراض جملة من الملفات التي تهم علاقات الصداقة الوطيدة والتعاون المتميز بين تونس وإيطاليا سواء في اطار ثنائي أو على مستوى الاتحاد الأوروبي” والى انه “تم التأكيد على الرغبة المشتركة لمزيد تعزيز سنة التنسيق والتشاور من أجل مزيد توطيد هذه الروابط وتنويعها خاصة في مجالات الفلاحة والطاقات المتجددة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والثقافة والتكوين المهني والتعليم العالي”.
نقاش حول هذا المنشور