الحفل الـ95 لتوزيع جوائز الاوسكار كان ليلة البارحة والذي قدم جملة من مفاجآته.
الحفل الـ95 لتوزيع جوائز الاوسكار كان ليلة البارحة والذي قدم جملة من مفاجأته. من اهم مستجدات هذه السنة استبدال السجاد الاحمر بسجاد في لون الشمبانيا، بالرغم من ان هذه الفكرة اثارت اعجاب عديد المدعوين، الا انها مثلت مشكلة نظرا لهشاشتها بسبب ان السجاد يتسخ بسرعة مما تطلب تسخير فريق لتنظيفه دوريا.
بالرغم من هذا الاشكال البسيط أقيم الحفل دون مشاكل بفضل وجود فريق لإدارة الازمات، في الواقع المنظمين استبقوا المشاكل التي يمكن ان تحدث خلال الحفل واتخذوا الاحتياطات اللازمة لمواجهتها.
الفائز الاكبر لهذه الدورة لجوائز الاوسكار كان فيلم “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ” الذي حاز على ما لايقل عن 7 تماثيل من 11 ترشح لها، مكافأة استحقها عن جدارة هذا الفيلم الغير نمطي والجريء الذي عرف كيف يخرج عن المعتاد ويقدم شيئا مختلفا. اعضاء اللجنة برهنوا هكذا على انهم قادرين على مكافأة سينما حقيقية تجرؤ على التفكير خارج الاطر وتقدم نظرة مختلفة ومجددة. مع “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ” تمكن الجمهور من اكتشاف سينما ملونة وغريبة ومجنونة بعض الشيء لكن خاصة عمل فني حقيقي.
“كل شيء في كل مكان في وقت واحد ” فيلم من تأليف واخراج دانيال شينرت ودانيال كوان، والذي تمكن من شد انتباه الصحافة المختصة وحصد عديد الجوائز خصوصا تلك الممنوحة من نقابة المهنيين في قطاع السينما الامريكية وعديد الجمعيات الامريكية للنقد السينمائي.
بعد مشاهدة هذا الفيلم من المستحيل عدم الانبهار بالخيال الجامح لكاتبي السيناريو والتمثيل المذهل. الفيلم ينطلق من فكرة بسيطة ليصل الى فكرة اخرى بسيطة، لكن الطريق بينمها هو المبتكر والمدهش، المشاهدون يجدون انفسهم يمرون بتجارب لا تصدق في اكوان متعددة، مع مشاهد متعددة والوان واحداث ومشاعر وابعاد تتجاوز كل ما يمكن تخيله.
الفيلم يضع في المقدمة اهمية الحب سواءا كان حب الام او الابناء او بين الزوجين او الصداقة، لكن للوصول الى هذا الحب لابد من الكفاح وهذا يكون عبر مختلف انواع الافلام مثل افلام الحب والرعب والخيال العلمي والحركة والفنون القتالية وحتى الصور المتحركة.
“كل شيء في كل مكان في وقت واحد ” هو ابداع وتكريم للسينما سواءا من حيث ما يعرضه او من حيث ما هو عليه، فهو بيرز ان السينما وخيال الانسان والفن لا حدود لهم.
بالاضافة الى ذلك ميشال يو التي لعبت الدور الرئيسي في “كل شيء في كل مكان في وقت واحد” والتي نالت جائزة احسن ممثلة هي اول آسيوية تتحصل على هذه الجائزة ” لكل الاولاد والبنات الصغار الذين يشبهونني والذين يشاهدون هذه السهرة، هذا يعد رمز للامل وللفرص” قالت بتأثر “هكذا يصنع التاريخ” اضافت الممثلة الماليزية ذات 60 عاما.
الفيلم الالماني “كل شيء هادئ على الجهة الغربية” على نتفليكس، مقتبس من رواية تدعو للسلام حول الحرب العالمية، وقد حاز على اربعة جوائز اوسكار من بينها جائزة احسن فيلم دولي، والتي تعتبر تقدير نادر بالنسبة لفيلم باللغة الالمانية، عرف كيف يصل للجمهور بتاريخه المؤثر وتصويره البارع. الفيلم تحصل ايضا على جائزة احسن موسيقى تصويرية واحسن تصميم واحسن تصوير سينمائي.
وهذا ثاني اقتباس عن رواية لايريك ماريا ريمارك يحوز على اوسكار، ففي سنة 1930 الفيلم الطويل للامريكي لويس ميلستون تحصل على اوسكار احسن فيلم واحسن مخرج.
ادوارد بارجي الفائز باوسكار احسن فيلم دولي عن فيلم “كل شيء هادئ على الجهة الغربية” Légende
واخيرا سجلنا اول جائزة للهند خلال هذا الحفل. تحصل فيلم “RRR” على جائزة احسن اغنية لفيلم بعنوان “Naatu Naatu” وهذا احسن تتويج للهند التي برهنت هكذا على ثراء ثقافتها السيماتوغرافية.
تمكن المدعوون من مشاهدة الاغنية على الركح وصفقوا لها كثيرا وقدمتها الممثلة الهندية الجميلة والانيقة ديبيكا بادوكون.
جوائز الاوسكار الاخرى التي تم الفوز بها: احسن فيلم للصور المتحركة “بينوكيو” من اخراج غييرمو ديل تورو والذي يمكن مشاهدته على نتفليكس وجائزة احسن مؤثرات بصرية لـ”افاتار: طريق الماء” لجايمس كاميرون.
في المقابل لم يتحصل ستيفن سبيلبرغ وفيلمه “ذا فابلمانز” الذي يسرد فيه سيرته الذاتية، فبالرغم من ان المخرج حياه النقاد كثيرا على هذا الفيلم، الا انه غادر سهرة الاوسكار خالي الوفاض. خيبة امل لهذا الاسم الكبير في السينما الامريكية، لكن يمكن تفسير ذلك بان معالجة الفيلم كلاسيكية جدا. صحيح ان فيلم “ذا فابلمانز” مؤثر للغاية ويحكي ايضا كيف ان هذا الفتى الصغير اكتشف السينما التي اصبحت شغفه ثم مهنته، لكن كان باستطاعة ستيفن سبيلبرغ بذل اكثر مجهود لايجاد طريقة اكثر تميز لمشاركة هذا الشغف مع المشاهدين.
اكبر خيبة امل لهذا الحفل ان الفيلم البلجيكي “كلوز” Close من اخراج لوكاس دونت ترشح في فئة احسن فيلم دولي، غادر ايضا خالي الوفاض. هذا الفيلم الذي كان اول عرض له بمهرجان كان اين فاز بالجائزة الكبرى، كان يستحق ان يغادر حاملا التمثال. فيلم مشوق وجيد الاخراج والاداء.
اما بالنسبة لاوسكار احسن سيناريو مقتبس تحصل عليه فيلم “حديث النساء” Women talking والذي لا يستحق حتى تسميته، فيلم تدور كل احداثه في حضيرة، والذي بمرور الوقت يصبح مملا حتى وان كانت الحوارات هامة.
حفل الاوسكار 2023 كان ناجحا وابرز ان اعضاء لجنة الاوسكار عرفوا كيف يكافؤون الافلام المجددة والجريئة وقدموا بذلك واجهة للسينما الحقيقية تلك التي تجرؤ على الخروج عن النمطية والتي ليس بامكاننا الا الاشادة بها.
يجدر ايضا الاشارة الى ان جوائز الاوسكار لهذه السنة سجلت تنوع استثنائي في المترشحين والفائزين، عديد الفنانين من اصول عرقية مختلفة تم الاعتراف بهم، وهو ما تم الترحيب به من عديد الملاحظين كعلامة ايجابية على التقدم نحو الشمول والتمثيلية للصناعة السينماتوغرافية الامريكية.
في الواقع من الطبيعي ان حفلا يكافئ الافلام الامريكية يعكس مجمل المجتمع الامريكي بما فيه من ثقافات مختلفة وجاليات متنوعة، لوقت طويل تم انتقاد الاوسكار على نقص التنوع والميل الى تفضيل الافلام من اخراج رجال بيض.
على مر السنين منظمي الاوسكار عملوا على تعزيز تنوع الحفل حتى يشمل تنوع اكبر من حيث الاصوات والآفاق. وادرجوا معايير للتأهل حتى يشجعوا على التمثيلية والشمول، خاصة باشتراط ان تكون الافلام المترشحة لجائزة احسن فيلم تعكس اكثر التنوع من حيث الاجناس والاعراق والميول الجنسية.
في ما يلي قائمة الفائزين بجوائز الاوسكار 2023:
أفضل فيلم : “كل شيء في كل مكان في وقت واحد”
أفضل مخرج : دانيال كوان ودانيال شينرت عن “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ”
أفضل ممثلة : ميشيل يو في “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ”
أفضل ممثل : برندان فرايزر في “الحوت”
أفضل ممثل في دور ثانوي: كي هوي كوان عن دوره في “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ”
أفضل ممثلة في دور ثانوي : جيمي لي كورتيس في “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ”
أفضل فيلم دولي : “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” (ألمانيا)
أفضل فيلم رسوم متحركة : “بينوكيو” لغييرمو ديل تورو
أفضل فيلم وثائقي : “نافالني”
أفضل سيناريو أصلي : “كل شيء في كل مكان في وقت واحد ”
أفضل سيناريو مقتبس : “نساء تتكلم Women Talking”
أفضل فيلم وثائقي قصير: “مربو الفيل”
أفضل فيلم قصير: “وداع أيرلندي”
أفضل فيلم رسوم متحركة قصير: “الولد والخلد والثعلب والحصان”
أفضل مؤثرات بصرية: “أفاتار: طريق الماء”
أفضل تصميم إنتاج: “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية”
أفضل أغنية: “ناتو ناتو” من فيلم “ر ر ر”
أفضل مونتاج: “كل شيء في كل مكان في وقت واحد”
أفضل تصوير سينمائي: “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية”
أفضل هندسة صوتية: “توب غن: مافريك”
أفضل موسيقى تصويرية: “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية”
أفضل مكياج وتصفيف شعر: “الحوت”
أفضل تصميم أزياء: روث كارتر عن فيلم “النمر الأسود: واكاندا إلى الأبد”
نائلة ادريس
نقاش حول هذا المنشور