أصدرت هيئة الدفاع عن القاضي المعزول البشير العكرمي بيانا اليوم الجمعة 10 مارس 2023 توجهت به للرأي العام وعارضة من خلالها آخر مستجدات القضية، حيث تنتهي اليوم مدة إيقاف منوبها
وأفادت هيئة الدفاع في بيانها أنه تمت بتاريخ الأحد 12 فيفري 2023 مداهمة منزل المنوب واقتياده إلى مقر وحدة الإرهاب ببوشوشة دون سبق استدعاء وفي غير حالة تلبس، في خرق صارخ للقانون وانتهاك جسيم لأدنى الضمانات القانونية، وذلك استنادا إلى شكاية صادرة عن عوني أمن تابعين لنفس الفرقة الأمنية التي قامت بالمداهمة والتي باشرت الأبحاث في الشكاية.
وإعتبرت الهيئة أن عونا الأمن الذان تقدما بالشكاية هما محل تتبع من أجل جرائم التعذيب، وذلك على خلفية قيام المنوب سنة 2015 بصفته قاضي التحقيق في قضية الاعتداء الارهابي بمتحف باردو، بسحب الملف من الوحدة الأمنية المعنية وتعهيد وحدة أخرى مختصة أيضا بالقضايا الارهابية، تبعا لمعاينته ٱثار تعذيب على المظنون فيهم وثبوت زيف الاعترافات التي انتزعت منهم تحت التعذيب، وهو القرار الذي مكّن لاحقا من كشف كامل الحقيقة في الملف المذكور وإيقاف الضالعين الحقيقيين في الجريمة، وثبوت براءة من انتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب.
وتابعت هيئة الدفاع عن القاضي المعزول البشير العكرمي أن منوبها يخوض إضرابا عن الطعام منذ مداهمة منزله واحتجازه خارج إطار القانون يوم 12 فيفري وحتى الآن.
كما بيّنت أن المنوب ظلّ محتفظا به طيلة 5 ايام ليتمّ إنهاء الاحتفاظ به من قبل النيابة العمومية يوم 17 فيفري والإذن بإطلاق سراحه، وذلك بعد أن قدّم لسان الدفاع للنيابة العمومية ما يفيد نشر قضايا ضدّ الشاكيين من أجل التعذيب والتدليس، إلاّ أنّه بالتوازي مع ذلك اتخذت النيابة في ذات الوقت قرارا بإيواء المنوب وجوبيا بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية.
ويوم الخميس 23 فيفري تفاجأت عائلة البشير العكرمي ومحاموه باتصال من قسم الطب النفسي الشرعي بمستشفى الرازي تدعو فيها رئيسة القسم العائلة للحضور من الغد الجمعة 24 فيفري لاستلام المنوب والعودة به للمنزل بعد أن تمّ رفع قرار الإيواء الوجوبي المتخذ بشأنه من قبل رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس، حسب نص البلاغ المذكور.
وأضافت أنه في يوم الجمعة 24 فيفري يتمّ تطويق مستشفى الرازي مع انتشار أمني مكثف داخله انتهى إلى اقتياد المنوب عنوة، وهو بحالة سراح قانونا، يتم اقتياده من جديد ليلا إلى مقر وحدة البحث في الجرائم الإرهابية ببوشوشة.
وواصلت الهيئة سرد تطوارت القضية حيث أفادت أنه تم الاحتفاظ مجددا بالمنوب بموجب شكاية ثانية مقدمة من حزب “الوطد” بتاريخ 07 فيفري 2023 للنيابة العمومية بقطب مكافحة الارهاب وتمت إحالة الشكاية على الوحدة المذكورة يوم 08 فيفري أي قبل أربعة أيام من مداهمة منزل المنوب وإيقافه، وتلك الوحدة تولت سماع وكيل الشاكي يوم السبت 18 فيفري 2023 على الساعة منتصف النهار أي بعد إنهاء الاحتفاظ بالمنوب في القضية الأولى وإيوائه وجوبيا بالمستشفى، علما وأن الشكاية الثانية هي أيضا موضوع قضية منشورة لدى التحقيق بموجب قيام ذات الحزب على المسؤولية الخاصة بعد أن تمّ حفظ شكايته ضد المنوب في مناسبتين (2016 + 2021)، ويمنع قانونا فتح بحث جديد بشأنها وتعهيد الضابطة العدلية بالبحث فيها إلا في إطار إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق المختص.
وتمّ تمديد فترة الاحتفاظ بالمنوب في مناسبتين آخرهما يوم الاثنين الماضي ليتمّ إنهاء الاحتفاظ به يوم الأربعاء 08 مارس 2023، وعرض محضر البحث على النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والتي أذنت بفتح بحث تحقيقي لدى مكتب التحقيق الثامن بقطب مكافحة الإرهاب. إلاّ أنّه بمجرد صدور قرار فتح البحث التحقيقي تفاجأ هيئة الدفاع بتغيب قاضي التحقيق بالمكتب الثامن المتعهد، ويقع إعلامها بأنه أصيب بوعكة صحية، تولت على إثرها رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس في نفس اليوم إمضاء مذكرة عمل تم بمقتضاها تعيين قاضي التحقيق بالمكتب 40 لينوب عن قاضي التحقيق المتعهد.
كما أوضحت أن القاضي التحقيق قام بالنيابة بالتجريح في نفسه باعتبار أنه سبق له الإدلاء بشهادة ضدّ المنوب أمام تفقدية وزارة العدل، وتولى التمديد في أجل الاحتفاظ بالمنوب ليومين نهايتهما اليوم الجمعة 10 مارس.
وأيّدت يوم أمس الخميس رئاسة محكمة الاستئناف بتونس مطلب التجريح المثار من قبل القاضي المعوّض، لثبوت ما يوجب التجريح طبق القانون.
وإذ تلاحط هيئة الدفاع عن القاضي بشير العكرمي، أنّ تغيّب أغلب قضاة التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن العمل بداعي وعكات صحية يكشف حقيقة ما يتعرضون إليه من ضغوط من السلطة التنفيذية، بعد أن عمدت إلى عزل 57 قاض دفعة واحدة يوم غرة جوان 2022، خارج أي إطار قانوني وفي ضرب لأدنى ضمانات استقلال السلطة القضائية وانتهاك لمبدأ التفريق بين السلط.
كما ذكرت الهيئة بأن تلك القرارات استندت في جلها إلى تقارير أمنية، وكانت أغلبها بسبب رفض القضاة المعنيين الرضوخ لتعليمات السلطة التنفيذية، والانخراط في مسار التضييق على الحريات الفردية والعامة.
وإذ تعلم الرأي العام بأن السلطة التنفيذية عمدت الأسبوع الماضي إلى منع قاضي التحقيق بالمكتب 23 بقطب مكافحة الإرهاب من العمل وذلك بتغيير أقفال مكتبه، تبعا لاتخاذه قرارا في إبقاء أحد المظنون فيهم بحالة سراح خلافا لرغبة السلطة في إيداعه بالسجن، والتي عبر عنها رئيس الجمهورية حرفيا بقوله أنّ “من يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم”، حسب نص البلاغ.
وأكدت الهيئة أن عدد قضاة التحقيق المباشرين حاليا وبصفة فعلية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لا يزيد عن اثنين: أحدهما تمّ قبول تجريحه في نفسه بعد تكليفه بنيابة قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثامن، والثاني مجرّح فيه بدوره لأنه سبق له أيضا الإدلاء بشهادة ضدّ المنوب أمام تفقدية وزارة العدل.
وإعتبرت هيئة الدفاع عن العكرمي في بلاغها أنّ موضوع قضية الحال سبق التعهد به من قبل الجهات القضائية حيث كان موضوع شكاية جزائية قدمت من نفس الجهة وتمّ حفظها من قبل النيابة العمومية في 2016 وتم تقديمها من جديد في سنة 2020 وحفظت سنة 2021، ليتم القيام بها مجددا من نفس الجهة على المسؤولية الخاصة ولا تزال القضية إلى اليوم منشورة لدى مكتب عميد قضاة التحقيق، إلا أنّ الشاكين عمدوا إلى تقديم شكاية الحال في نفس الموضوع يوم 06 فيفري 2023، في مخالفة للقانون الذي يمنع إثارة التتبع من أجل نفس الفعل مرتين.
ونددت الهيئة بالتنكيل الممنهج الذي يتعرّض له القاضي البشير العكرمي، انتقاما منه على خلفية ما اتخده من قرارات قضائية لتتبع جرائم التعذيب والتصدي لتجاوزات أعوان الضابطة العدلية، وسعيا إلى إخماد صوته وطمس الحقائق التي يحتكم عليها.
وحمّلت مسؤولية سلامة المنوب الجسدية والنفسية للسلطة السياسية القائمة، وتطالب القضاة المتعهدين بالالتزام التام بحكم القانون والاحترام الكامل لحقوق المنوب وحريته وحرمته الجسدية والنفسية، وتذكرهم بأن مسؤوليتهم في ذلك تبقى كاملة ولا يمكن ان يعفيهم من تحملها أو يبرر تخليهم عنها ما يمارس عليهم من ضغوط وترهيب من وزيرة العدل ورئيس الجمهورية.
كما حذرت كلّ من شارك في استهداف المنوب بتلفيق القضايا له والمسّ من سلامته الجسدية والنفسية، وتؤكد عزمها على تتبع كل من شارك أو تواطأ في التنكيل به دون وجه حق.
ودعت ما أسمتهم الشرفاء من المحامين والقضاة والإعلاميين والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى مساندة القضاة الشرفاء ودعمهم في معركة استرجاع استقلاليتهم تجاه الجميع وخاصة تجاه السلطة القائمة.
نقاش حول هذا المنشور