لا يقتصر مشروع التحول الرقمي على المنصات والخدمات عبر الإنترنت فقط، بل يشمل أيضاً مؤسسة تظل بالنسبة للعديد من التونسيين البوابة الأولى للوصول إلى الدولة: البريد التونسي.
خلال عرض ميزانية 2026 لوزارة تكنولوجيا الاتصال أمام المجلسين المجتمعين، أكد الوزير سفيان هميسي على نقطة مهمة: “أصبحت تحديث الخدمة البريدية ضرورة وطنية”.
وفقاً للوزير، تم تقديم أكثر من 100 طلب لفتح مكاتب بريد جديدة في المناطق. ضغط كبير لا تستطيع البريد التونسي الاستجابة له: كل افتتاح يتطلب مكاناً، معدات، ولكن الأهم… الموظفين.
ومع ذلك، تعاني المؤسسة من إغلاق التوظيف منذ 2016، مما أدى إلى نقص في عدد الموظفين. لتعويض التأخير، أطلقت الوزارة مسابقة لتوظيف 260 موظفاً جديداً، وسيتم الإعلان عن النتائج في الربع الأول من 2026. من المتوقع أن تُعقد جلسة توظيف أخرى في نفس العام، مصحوبة ببرنامج لتعيين موظفين من إدارات أخرى.
جانب آخر حساس: أجهزة الصراف الآلي، التي غالباً ما تكون غير كافية أو غائبة في العديد من المناطق الريفية.
أعلن الوزير أنه تم إطلاق مناقصة وأن جميع أجهزة الصراف الآلي المخطط لها سيتم تركيبها “في الشهرين المقبلين”. يتم حالياً إعداد طلبية ثانية لتعزيز الشبكة بشكل أكبر.
يتطور الإطار التنظيمي للقطاع أيضاً. تم إرسال مشروع النظام الجديد للبريد الوطني إلى مجلس الإدارة، الذي قدم عدة مقترحات. تدرس الوزارة حالياً التعديلات التي يجب إدخالها قبل الاعتماد النهائي للنص.
فيما يتعلق بمسألة البنك البريدي أو البريد البنكي، كان سفيان هميسي واضحاً: تقديم خدمات بنكية عبر البريد أمر حيوي لمكافحة الإقصاء المالي، خاصة في المناطق الريفية.
لكن الوزير يعترف بعائق رئيسي: الإطار القانوني الحالي للمؤسسات المالية لا يسمح بالعمل الفعلي لبنك بريدي. لا يزال الملف تقنياً وقيد الدراسة.
إذا كانت رقمنة الخدمات العامة تتقدم – بوابة موحدة، إجراءات رقمية، قنصلية رقمية، منصة للمشاريع العامة – يذكر الوزير أن الخدمات الحضورية يجب أن تُحافظ، لأن البريد يظل حلقة وصل أساسية لجزء كبير من السكان.
تواصل الوزارة أيضاً حصر المناطق غير المغطاة بشبكات الاتصالات، قبل فرض التزامات على المشغلين: “لا رقمنة بدون تغطية وطنية”، يؤكد الوزير.
كما يضمن أن “الأنظمة المعلوماتية التونسية مؤمنة”، رداً على الانتقادات المتكررة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في النهاية، يظهر البريد كركيزة لا غنى عنها في هذا التحول الرقمي: خدمة قريبة يجب تحديثها، إعادة تجهيزها وتعزيزها بالموظفين لتجنب أن تصبح الحلقة الأضعف في التحول الرقمي للبلاد.
نقاش حول هذا المنشور