اتهم رئيس الجمهورية قيس سعيّد عدداً من المسؤولين بتعمد تعطيل مشاريع تنموية بغرض تأجيج الأوضاع الاجتماعية، مؤكداً أن لا أحد فوق المساءلة، وأن الدولة ماضية في محاربة الفساد واستعادة سيادتها الكاملة داخلياً وخارجياً.
أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد، خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء يوم الخميس 19 جوان 2025، أن بعض المسؤولين في أجهزة الدولة يعمدون عمداً إلى تعطيل تنفيذ مشاريع حيوية، مشيراً إلى أن هدفهم هو إشعال الوضع الاجتماعي بكل الوسائل، حسب قوله.
وأوضح سعيد أن الإدارة العمومية لا تعمل، في عديد من مفاصلها، وفق السياسة العامة للدولة ولا وفق التشريعات المنظمة لها، مؤكداً أن من يظن أنه قادر على تعطيل تطبيق القانون فهو واهم، ولا أحد فوق المساءلة أو المحاسبة.
واعتبر رئيس الجمهورية أن “الجريمة مضاعفة”، لأن بعض المسؤولين لا يكتفون بالتقاعس، بل يعملون على العرقلة المتعمدة، ما يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار البلاد. وقال إن هؤلاء المسؤولين “لم يعد لهم مكان في الدولة”، رافضاً أن يضطر رئيس الدولة للتدخل في مسائل من اختصاص الهياكل المحلية، كما حدث في ولاية الكاف، في إشارة إلى قضية الجمعية المائية وفواتير الماء المدلسة.
كما ندد سعيد بما وصفه بـ”سيناريوهات مكررة”، مثل قطع المياه عن عدة مناطق ليلة عيد الأضحى بذريعة أعطاب في الشبكة، ثم عودتها بعد يومين، قائلاً إن هناك محاولات لإعادة سيناريوهات مشابهة لما وقع في صيف 2024. كما تطرق إلى مسألة انقطاع الكهرباء في أوقات غير مبررة، واعتبرها جزءاً من نفس الممارسات غير المقبولة.
وشدد رئيس الدولة على ضرورة اعتماد مقاربة وطنية شاملة لإصلاح المرافق العمومية، مثل النقل والصحة وسوق الجملة، داعياً إلى ثورة إدارية وثقافية تواكب ما أسماه بـ”الثورة التشريعية”. وأضاف أن العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وليس فقط الحريات النظرية.
وفي رسالة حازمة، وجّه سعيّد انتقاداً لاذعاً لمن وصفهم بـ”الخونة والمأجورين” الذين “ارتموا في أحضان السفارات الأجنبية ويتمسحون على أعتابها”، مؤكداً أن تونس دولة مستقلة وأن السيادة للشعب التونسي وحده.
ولفت إلى أن لوبيات داخل الإدارة لا تزال تتحكم في مفاصلها لصالح مصالح خاصة، مشدداً على أن كل من تسبب في نهب المال العام أو ساهم في الخصخصة المفرطة سيكون تحت طائلة القانون، وأنه لن يتم التفريط في ثروات الشعب.
أما بخصوص الأموال المنهوبة، فأكد الرئيس أنه تواصل مع أطراف دولية لاسترجاعها، لكن “تمت المماطلة بذريعة إجراءات قضائية”، ولم تستعد الدولة سوى “الفتات”، كما حدث مع دول إفريقية أخرى.
وفي ختام مداخلته، شدد قيس سعيد على أن “المعركة مستمرة ولن تتوقف”، وأن منع المناولة في القطاعين العام والخاص دليل على إرادة الدولة في مواجهة من يستغلون العمال. كما جدّد التأكيد على أن لا جهة داخلية أو خارجية يمكن أن تفرض وصايتها على تونس، وأن السيادة الوطنية ليست موضوعاً للنقاش.
وأكد سعيد أن الدولة التونسية ستواجه التحديات بكافة مؤسساتها، ولن يكون للمخربين أو “الفلول” مكان في مستقبل البلاد، مضيفاً أن اللوبيات التي تتحرك في الخفاء ستُحاسب أيضاً لأنها اعتدت على حق الشعب.
وقد ناقش مجلس الوزراء خلال الاجتماع عدداً من مشاريع القوانين والأوامر الترتيبية، إضافة إلى الوضع العام بالبلاد وسير عدد من المرافق العمومية الحيوية.
نقاش حول هذا المنشور