أكد وزير الخارجية نبيل عمار في حوار أجراه مع اذاعة “كوبي” الاسبانية ونقلت وكالة نوفا الايطالية نسخة منه على هامش مشاركته في المنتدى الثامن للاتحاد من أجل المتوسط، أكد أن المجموعة الأوروبية تعاني من “الشعور بالتفوق فهي تعتقد أنها نموذج يحتذى به، بينما هي في الواقع ليست كذلك”.
وأعلن عمار خلال المنتدى الذي حضره أيضا رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي يدعي الدفاع عن القيم والحقوق العالمية بالقول وليس بالفعل، خاصة في ظل ما يحدث في غزة.
وفي سياق متصل قال عمار في حوار ادلى به لصحيفة “البايس” الاسبانية اليومية الصادرة اليوم الخميس 30 نوفمبر 2023 ونشرته الوزارة بالفرنسية على صفحتها بموقع فايسبوك: ” عواقب هذا المستوى من المعاناة تشكّل مخاطر جسيمة على الاستقرار في المنطقة وخارجها. إنه يخلق استياءً رهيبًا بين آلاف الأشخاص، ويترك الناس مصدومين وغير متوازنين، وهو جوهر جميع أنواع الأعمال الانتقامية اليائسة والعنيفة. لكن الأمر متروك للفلسطينيين ليقرروا من يمثلهم (اي حماس أو غيرها) المشكلة هي الاستعمار الذي لم يبدأ يوم 7 أكتوبر. لقد ظلت غزة بمثابة سجن مفتوح لسنوات عديدة. كما ان الإهانات في الضفة الغربية يومية. وعندما يتمرد الفلسطينيون يُعتبرون إرهابيين. وهناك حديث أيضاً عن نقل السكان إلى مصر أو الأردن. إنه خط أحمر.”
وتطرق الوزير في حواره إلى سياسة الهجرة والانتقادات التي اثارتها مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الاوروبي حيث اكد عمار انه ليس لتونس أية صعوبات مع الاتحاد الأوروبي مذكرا بانه تم يوم 16 جويلية توقيع مذكرة تقوم على الاحترام المتبادل وبانها تشمل 5 محاور وليس فحسب بشأن الهجرة مستدركا ” لكن المشاكل ظهرت داخل الاتحاد الأوروبي. إنها ليست مشكلتنا.”
ونفى عمار ان تكون لتونس سياسية لترحيل المهارجين مضيفا في نفس الاطار ” كل دولة تحمي حدودها. نحن لا نبني الجدران ولا نطلق النار على من يحاول العبور. هناك معاملة إنسانية جداً، لكن في الوقت نفسه نحن ملزمون، ومن حقنا، أن نضبط حدودنا. وقد تم استغلال هذا الوضع من قبل المنظمات غير الحكومية، التي لديها أجندة سياسية. إنهم يضغطون علينا لقبول المهاجرين غير الشرعيين. ولكننا لسنا بلد عبور أو وجهة. ونحن لسنا شرطة الاتحاد الأوروبي. إن أي حل هو فوق قدرات دولة واحدة. الوضع السياسي جنوب الصحراء، الوضع الاقتصادي، كوفيد-19، الحرب في أوكرانيا، تغير المناخ… ليس من مسؤوليتنا دفع الفاتورة. ويجب على المنظمات غير الحكومية أن تتحدث بشكل أقل وأن تكرس المزيد من الموارد، وإلا فلن نتعاون كما كان من قبل.”
ولم يستبعد عمار ان تحصل بعض الانحرافات في التعاطي مع المهاجرين ” كما هو الحال في جميع البلدان ” مستدركا ” لكن الشرطة تتدخل. هذه ليست سياسة الدولة المتمثلة في إساءة معاملة أو عدم مساعدة المهاجرين غير الشرعيين ضحايا جماعات الاتجار بالبشر. لانتقادنا يقول البعض إننا أصبحنا سلطويين، وإننا تغيرنا، لكن لا هذا ليس صحيح” .
وبخصوص طلب المزيد من الاموال لضبط حدودها قال الوزير” إنها ليست مسألة مال. التمويل الذي نتلقاه يكاد يكون صفرا، ولكن المطلوب هو سياسة شاملة. الحل الأفضل هو خلق الثروات في البلدان والاستثمار فيها. دمج الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، كما فعل الاتحاد الأوروبي داخل حدوده. وبهذه الطريقة، لن يخاطر الناس بحياتهم عن طريق ركوب القارب إلى أوروبا.”
وأردف “هناك إمكانات كبيرة، لكن الديمقراطيات لا تحدث دفعة واحدة. كيف كانت إسبانيا قبل 60 عاماً؟ ما هي أقدم الديمقراطيات، 250 سنة؟ لقد اتبعوا عملية وتراكم للثروة سمح لهم بأن يصبحوا ديمقراطيات. يجب على شركائنا وأصدقائنا وجيراننا الأوروبيين أن يفهموا أنهم لا يحتكرون الحقيقة وانهم اقلية في الكوكب ويمكن ان يكونوا بدورهم عرضة للنقد”.
وبسؤاله عما هي عليه تونس حاليا اجاب الوزير بالقول ” نعيد ترتيب أنفسنا بعد 11 سنة رهيبة ولم نعد نريد ديمقراطيات زائفة يقودها الأجانب أو المال. نريد توازنا داخليا وديمقراطية تونسية أصيلة دون تدخل من الآخرين أو المنظمات غير الحكومية الأجنبية. تتمتع تونس بإمكانات اقتصادية مثيرة للاهتمام : التجارة والسياحة والطاقة الخضراء أو منتجات مثل زيت الزيتون، والتي يُمنعنا من تصديرها إلى أوروبا. وبدلاً من كل هذه الفرص، فإنهم ينظرون فقط إلى ما إذا كنت ديمقراطياً أم لا. لأنهم يريدون تونس أخرى ضعيفة وتفعل ما يطلب منها. لقد انتهى هذا .”
وتبابع:” انتهى هذا في 25 جويلية قلنا ان كل هذا انتهى ولكن خاصة مع ما يحدث الان في غزة فمن الأضرار الجانبية الكبيرة لهذه الحرب هي أنها تركت النظام القانوني والقيم الدولية العالمية في حالة يرثى لها. واليوم لم يعد احد يثق في تلك القيم إنهم ينظرون إلى ما يحدث هناك في غزة ويتسألون : عن اية مبادئ وعن أية ديمقراطية؟ …هذه خسارة كبيرة للغرب.”
نقاش حول هذا المنشور