وصل الى تونس في الآونة الأخيرة دفعتين من جرحى العدوان الإسرائيلي على غزة رفقة مرافقيهم لتلقي العلاج بالمستشفيات العمومية والخاصة وهي بادرة لاقت استحسانا شعبيا ورسميا واسعا.
واستقبلت تونس في البداية 39 جرحيا مع مرافقيهم يوم 03 ديسمبر الجاري ثم دفعة ثانية قدرت ب52 جريحا مع مرافقيهم اضافة الى التونسية المصابة ايمان خضر والتي وصلت بتايخ 18 ديسمبر الجاري.
وكانت المتحدثة بإسم الهلال الأحمر التونسي بثينة قراقبة قد صرحت منذ وصول الطائرة الاولى أن باب الزيارة موصد حاليا وذلك لضمان تلقي العلاج للاشقاء الفلسطينيين في ظروف جيدة.
وأكدت قراقبة حينها أن باب الزيارة سيفتح في اجال معينة يتم الاعلام حولها، كي يتسنى لمن اراد ان يقوم بواجب الزيارة ذلك أو من اراد يتقدم بهدايا او مساعدات، مذكرة بكيفية تقديم المساعدات عبر التوجه الى مقرات الهلال الأحمر التونسي والذي سيتكفل بكل تيسير وايصال لتلك المساعدات.
وقد تقدمت بعض وسائل الاعلام بطلب لتصوير الجرحى الفلسطينيين بالمنشآت الصحية الا ان الطلب قوبل بعدم الرد، وهو أمر طبيعي ومفهوم نظرا للحفاظ على راحة الجرحى وضمان تلقيهم العلاج في بيئة لا يشوبها أي إزعاج.
إلا أن هذا قرار المنع، كما يبدو، لم يسمع به “مشاهير المحتوى والسوشيال ميديا” فمنذ الايام الاولى لوصول الجرحى الفلسطينيين صار التصوير مع جريح فلسطيني بتونس “ترند” يجلب “الجامات” والمتابعات الوفيرة.
وانطلق موسم “زيارة المستشفيات للتصوير”، وهو سلوك في ظاهره ليس بالمشين ما دامت الغاية عيادة مريض يتلقى العلاج، الا ان الامر خرج عن طوره الطبيعي بعض الشيء.
فبالاضافة الى التوافد، الذي بدا في ظاهره كثيفا على الجرحى الفلسطينيين، ما قد يسبب ازعاجا لمريض يتلقى العلاج، ويحتاج وقتا لتلقي وراحة لذلك، الا ان الامر تجاوز ذلك لانزال صور أطفال قصّر.
والمعهود أن نشر صور الاطفال يخضع لجملة من القواعد نصت عليها منظمة اليونيسيف، أبسطها أخذ الموافقة من الاولياء قبل النشر، اضافة الى الدليل الذي اصدرته المنظمة سنة 2018 والذي يحدد جملة من القواعد والنواميس في التعامل ونشر صور اطفال نجوا من الحروب او احداث عنف، والتي يجب على “الانستغراموزات” الاطلاع عليها قبل تصوير اطفال ناجين من محرقة صهيونية.
كما ان تصوير هذه الفئة من الاطفال واستعمالهم كمادة للشفقة وجلب “التفاعل” هو تصرف ممنوع بمقتضى توصيات “منظمة اليونيسيف”.
أما في القانون التونسي فإن الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية تنص على جملة من التشريعات تمنع تصوير طفل واتخاذه “محتوى”.
فالقانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 خصص الفصل 28 منه لتأطير معالجة المعطيات الشخصية بتنصيصه على أنه “لا يمكن معالجة معطيات شخصية متعلقة بطفل إلا بعد الحصول على موافقة وليه وإذن قاضي الأسرة”.
ويعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من خالف أحكام الفصل 28.
وبالتالي فإن ظاهرة تصوير “صناع المحتوى” لأطفال أجبروا على ترك وطنهم تحت وطأة قصف همجي تعتبر “عملا غير أخلاقي” وقد لاقى انتقادات واسعة من عديد رواد وسائل التواصل الاجتماعي.
فهل تتحرك السلطات وتنظم الزيارة وتضع شروطا لها ؟
نقاش حول هذا المنشور