في الصين، أن تكون وزيراً فاسداً يمكن أن يكلفك حياتك حرفياً. تم الحكم على وزير الزراعة السابق، تانغ رينجيان، بعقوبة الإعدام مع وقف التنفيذ في 28 سبتمبر 2025 بسبب اختلاسه لعشرات الملايين من اليوان. هذه الإدانة ليست الأولى من نوعها: فمنذ عام 2012، الحملة ضد الفساد التي يقودها شي جين بينغ قد طالت العديد من المسؤولين الكبار، حيث حصل البعض على عقوبة الإعدام مع وقف التنفيذ، وآخرون على السجن مدى الحياة. كل محاكمة يتم تسليط الضوء عليها إعلامياً تصبح تحذيراً واضحاً: لا أحد فوق القانون… أو الحزب. هنا، الأخلاق العامة ليست خياراً، بل هي أداة للسلطة.
في تونس، التباين واضح وجلي، ويمكن القول إنه مطمئن إلى حد ما. الحملة ضد الفساد تطال المضاربين، وتجار الجملة وبعض الوزراء السابقين، لكن العقوبات تقتصر على السجن، والغرامات، ومصادرة الأصول. لا توجد عقوبة إعدام، ولا محاكمات مثيرة على الشاشات الكبيرة. هنا، العدالة تضرب، ولكن بدون استعراض أو إفراط. وبصراحة، يمكننا أن نعتبر أنفسنا محظوظين: وزراؤنا لا يزالون ينامون بسلام.
ومع ذلك، فإن المقارنة لا تقتصر على المحاكم. الصين تستثمر في تونس على نطاق واسع: شركات، مشاريع بنية تحتية، تكنولوجيا. وجودهم الاقتصادي يؤثر على القرارات السياسية، يلهم الشراكات بين القطاعين العام والخاص وحتى أساليب الحكم. ضغط خفي، لكنه حقيقي، يغير المشهد الاقتصادي والسياسي للبلاد، دون أن يكون لدى السكان دائماً وعي بمدى التأثير الصيني. إنه يشبه استيراد نموذج اقتصادي ودبلوماسي، ولكن ليس محاكمه… لحسن الحظ بالنسبة لوزرائنا.
التباين بين بكين وتونس مزدوج إذن: الأولى تضرب بعقوبات الإعدام مع وقف التنفيذ ومحاكمات مثيرة، بينما تتقدم الثانية بخطوات محسوبة، متوازنة بين العدالة وحقوق الإنسان والبراغماتية الاقتصادية. هل يمكن لتونس أن تتعلم شيئاً من الصين؟ بالتأكيد. لكن الأمر لا يتعلق بتبني عقوبة الإعدام أو تحويل الوزراء إلى أمثلة علنية. يتعلق الأمر بتعزيز المصداقية القضائية، وضمان الشفافية، وبناء نظام لا يمكن للفساد أن يزدهر فيه… حتى تحت العين الخفية للعملاق الصيني.
هنا، الفساد ليس مسألة حياة أو موت، بل مسألة عدالة. وفي هذا الاختيار المدروس، المتوازن، ولكن الحازم، ترسم تونس طريقها. بقوتها، حدودها، وقليل من الحظ أن يواصل وزراؤنا النوم بسلام.
نقاش حول هذا المنشور