قد يتساءل البعض عما إذا كان هناك، خلف الستار الدبلوماسي، نوع من المساومة الخفية: ضوء أخضر ضمني يُعطى لإسرائيل لسحق غزة، مقابل اعتراف ضمني بالاحتلال الروسي في شرق — وكذلك جنوب شرق — أوكرانيا. بالطبع، لم تتسرب أي أدلة ملموسة بعد، ولم يتم توقيع أي اتفاق رسمي على هذا الورق اللامع الذي يُسمى القانون الدولي. لكن بين السطور، في ظل القمم والمؤتمرات الصحفية المنسقة جيدًا، قد تملي منطق المعاملة بالمثل قرارات الأقوياء.
إسرائيل، المسلحة حتى الأسنان، تحظى بدعم لا يتزعزع من واشنطن، المستعدة لغض الطرف عن الدمار في غزة تحت غطاء مكافحة الإرهاب. في الوقت نفسه، نرى دونالد ترامب وفلاديمير بوتين يتبادلان الحديث في ألاسكا، مشيرين بشكل غير مباشر إلى إمكانية تقسيم الأراضي في أوكرانيا. أحدهم يسحق، والآخر يقتطع، والقوى الكبرى تنظر في اتجاه آخر، متقبلة ضمنيًا هذه إعادة التشكيل القسرية للخرائط.
يمكننا بسهولة تخيل أنه في كواليس السلطة، يدور نوع من “الصفقة” غير الرسمية: أنتم، إسرائيل، لديكم الحرية في غزة، وأنتم، روسيا، تحتفظون بمكاسبكم في شرق وجنوب شرق أوكرانيا. كل طرف يربح، بشرط أن تُحترم التوازنات الجيوسياسية الكبرى. سيكون هذا سيناريو ساخرًا، لكنه ليس غير معقول، في عالم تتلاشى فيه حقوق الشعوب أمام المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للقوى العظمى.
هذه الفرضية، بالطبع، تندد بفشل المجتمع الدولي في فرض الحد الأدنى من العدالة والإنصاف. إنها تسلط الضوء على الدور الغامض، بل المتواطئ، للديمقراطيات الكبرى التي تفضل التفاوض خلف الأبواب المغلقة بدلاً من الدفاع بوضوح عن المبادئ التي تدعي تجسيدها. في هذا المسرح الظلالي، الضحايا، سواء كانوا فلسطينيين أو أوكرانيين، ليسوا سوى بيادق تُضحى بها على مذبح الترتيبات السرية.
نعم، كل هذا مجرد افتراض، لكن الحقائق والصدف تغذي هذا الشك: دبلوماسية الصمت والتسوية تجعل البراغماتية الباردة تتفوق على الأخلاق والشرعية. وبينما تجري هذه المفاوضات غير المرئية، تُكتب الحقيقة على الأرض بالدم والألم.
علينا نحن، المواطنين اليقظين، أن نندد بهذه اللعبة الشطرنجية القاسية وأن نذكر أنه خلف كل صفقة جيوسياسية، هناك حياة بشرية، وآمال محطمة، وضرورة ملحة لإعادة تعريف نظام عالمي أكثر عدلاً.
نقاش حول هذا المنشور