القضية التي تجمع بين أحمد الجوادي، بطل العالم مرتين في السباحة، والجامعة التونسية للسباحة تتجاوز بكثير مجرد خلاف مالي بسيط: إنها تعكس أزمة أعمق في حوكمة الرياضة التونسية، والاعتراف بالرياضيين المتميزين، والعلاقة بين المؤسسة الفيدرالية وأبطالها.
بطل محبوب، لكن غير مدعوم؟
الجواودي، البالغ من العمر 20 عامًا فقط، حقق إنجازًا تاريخيًا: فاز بالميدالية الذهبية في بطولة العالم 2025 في سنغافورة في سباقي 800 متر و1500 متر.
هذا الأداء أثار إعجابًا وطنيًا، تعزز باستقبال رسمي رمزي للغاية – حيث كرمه رئيس الجمهورية، مشيرًا إلى إمكانيات الجواودي كنموذج للتميز للشباب.
لكن هذا التألق الإعلامي والرمزي يبدو أنه يتعارض مع التوترات المالية التي ظهرت: الجواودي ومدربه، فيليب لوكاس، ينددان بنقص الدفع من الجامعة، بل وحتى عدم الوفاء بالالتزامات. وفقًا لمعسكرهم، فإن المبالغ التي تم تلقيها فعليًا لا تغطي حتى نفقاتهم السنوية.
الجامعة تدافع عن نفسها، لكن الحوار يتصدع
من جانبها، ترد الجامعة التونسية للسباحة بأرقام دقيقة: تؤكد أنها دفعت 185,000 دينار لتحضير الجوادي، و105,000 دينار للتأطير (مدرب، لوجستيات، إلخ).
كما تشير إلى أن التحويلات تم تحويلها إلى عملات أجنبية وأودعت في حساب السباح في أوت، بمجرد الحصول على التراخيص البنكية.
فيما يتعلق بالجانب المالي للمدرب، تؤكد الجامعة أن دفعة بقيمة 50,000 دينار تتوافق مع مستحقاته، مع الإعلان عن أنه سيتم قريبًا الإفراج عن مبلغ إضافي.
لكن بالنسبة للجواودي ولوكاس، لا يتطابق كل شيء: يطالبون بأن المبالغ المعلنة من قبل الجامعة التونسية للسباحة “مضخمة” وأن التحويلات الفعلية تبقى أقل بكثير مما تم الاتفاق عليه.
الحوار، الذي كان هشًا بالفعل، يأخذ منعطفًا قضائيًا من جانب لوكاس، وفقًا لوسائل الإعلام، التي تشير إلى احتمال رفع دعوى ضد الجامعة لعدم الدفع.
التداعيات على الرياضة التونسية
هذا الصراع يثير عدة تساؤلات هيكلية.
قيمة الأبطال: الجواودي هو بالتأكيد فخر وطني. ميداليته العالمية المزدوجة تظهر أنه يمكنه رفع تونس إلى أعلى المستويات. لكن هذه القضية تظهر أن الاعتراف الرمزي (الجوائز، الأوسمة) لا يكفي إذا كان الدعم اللوجستي والمالي مفقودًا.
مصداقية المؤسسات الفيدرالية: إذا أرادت الجامعة التونسية للسباحة أن تُعتبر ركيزة لدعم المواهب، فعليها أن تثبت أن الالتزامات ليست مجرد تواصل. الافتقار إلى الوضوح الذي يشعر به الرياضي ومدربه يضعف هذه الصورة.
الشفافية والمتابعة التعاقدية: حقيقة أن الجواودي وفيليب لوكاس يختلفان علنًا حول أرقام يجب أن تكون واضحة (المكافآت، الرواتب، التحويلات) تظهر أن آليات الرقابة، والتعاقد، والمساءلة قد تكون غير كافية في الهيكل الفيدرالي.
جاذبية الرياضة عالية المستوى في تونس: إذا شعر الرياضيون الموهوبون مثل الجوادي بأنهم لا يتلقون الدعم الذي يتناسب مع أدائهم، فقد يثني ذلك مواهب أخرى أو يدفع البعض للتدريب في الخارج.
أزمة يجب إدارتها بدبلوماسية
بالنسبة للجامعة التونسية للسباحة، لا يتعلق الأمر فقط بالرد على الاتهامات: يجب عليها إعادة بناء الثقة مع بطلها. بالنسبة للجواودي، الخيار ليس بسيطًا أيضًا: الاعتراض علنًا قد يكون مسألة مبدأ، لكنه قد يعرض شراكته التدريبية وصورته للخطر.
قضية الجواودي–الجامعة التونسية للسباحة تكشف عن مفارقة: شاب موهوب يرفع علم تونس عاليًا، ومؤسسة فيدرالية قد تكافح لتحويل التقدير الإعلامي إلى دعم ملموس ودائم.
إذا لم يتم حلها بعناية، فقد تضر هذه الأزمة بنمو مواهب أخرى. على العكس، قد يؤدي حلها إلى وضع نموذج للتعاون بين الأبطال والجامعة: شراكة رابحة للطرفين، ضرورية لمستقبل الرياضة التونسية.
نقاش حول هذا المنشور