عودنا رئيس الجمهورية قيس سعيد، في أغلب لقاءاته وخطاباته على الاستشهاد باقتبسات الشعراء والصحابة وغيرهم بالإضافة إلى استعاراته الطريفة نوعا ما، وهاهو مجددا يلجأ إلى الأسلوب ذاته، عندما أشرف أمس الخميس على أداء وزيرة التجارة الجديدة، كلثوم بن رجب، لليمين الدستورية، حيث قال في هذا الصدد في إشارة إلى المعارضة “لقد جوّعوا الشعب ونكّلوا به على مدى عقود واليوم يُقدمون أنفسهم على أنهم هم المنقذون بعد أن كانوا خصماء الدهر كالأوس والخزرج في وقت من الأوقات”، وفق تعبيره.
وتابع سعيّد بالقول: ”من كان يرقص أمام المجلس الـتأسيسي أو مجلس نواب الشعب صار حليفا اليوم لمن كان يُندد به ويدعوه للاستقالة”.
ولكن من هم الأوس والخزرج الذين استشهد بهم الرئيس هذه المرة!
هما قبيلتان كبريتان تسكنان يثرت، ويثرب مدينة تقع شمال مكة المكرمة وتبعد عنها نحو خمسمئة كيلو متر، وهم أهل المدينة المنورة وقد اشتهرت هاتين القبيلتين بالأنصار لأنهم من نصروا النبي وأصحابه من المهاجرين وآووهم، وقد أظهروا أسمى آيات الأثرة على أنفسهم بأن قاسموا المهاجرين أموالهم، فضلًا عن جهادهم في سبيل الله.
لماذا استشهد بهم قيس سعيد وامهي دلالة ذلك!
في هذا السياق لم يستشهد سعيّد بالقبيلتين فحسب وإنما بالحرب التي دارت بينهم لمدة 140 سنة وذلك قبل الإسلام والتي لم تنتهي إلا بالنبوة أي بقدوم الرسول إلى المدينة وكان ذلك قبل الهجرة بـ 5 سنوات، حيث أسلم الكثير من سكان هاته القبائل وهنا نستشهد بآية قرآنية قال فيها تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة: 117).
فهل يعتبر قيس سعيد نفسه اليوم “النبي المخلص” لـ “تونس” من حروبها وأزماتها ؟
نقاش حول هذا المنشور