بينما تظل الوضعية الجيوسياسية الدولية غير مستقرة، تعود مسألة القدرات العسكرية التونسية، خاصة في مجال الدفاع الجوي، بانتظام إلى النقاش العام. ورغم أن تونس لا تفصح كثيراً عن معداتها العسكرية لأسباب واضحة تتعلق بالأمن الوطني، إلا أن هناك عدة عناصر تسمح برسم صورة جزئية عن وسائلها الحالية.
في الواقع، بينما تسرع عدة دول أوروبية مثل بلجيكا والمملكة المتحدة استثماراتها في أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ في مواجهة تصاعد التوترات الدولية، تتكثف أيضاً سباق التسلح في المغرب العربي. المغرب، على وجه الخصوص، يضاعف من اقتناء بطاريات الدفاع الجوي متوسطة وبعيدة المدى من قوى مثل إسرائيل والصين والولايات المتحدة. في هذا السياق الإقليمي لإعادة التسلح الاستراتيجي، يطرح السؤال: ماذا نعرف حقاً عن القدرات التونسية في مجال الدفاع الجوي؟ إذا كان بالفعل هناك القليل من البيانات الرسمية حول هذه القدرات، فإن بعض العناصر المتاحة يمكن أن تعطينا فكرة عن هذه الأنظمة.
يعتمد الدفاع الجوي التونسي أساساً على نظام قصير المدى، يهدف إلى تغطية قطاعات حساسة أو استراتيجية. منذ الثمانينيات، زودت تونس بمعدات مثل نظام MIM-72 Chaparral، وهو صاروخ أرض-جو موجه بالأشعة تحت الحمراء من صنع أمريكي. تم تسليم عدة عشرات من هذه القاذفات في إطار التعاون العسكري التونسي الأمريكي. يضاف إلى ذلك صواريخ دفاع جوي محمولة تُعرف باسم “MANPADS”، خاصة من التصميم الصيني (QW-18)، وكذلك النظام السويدي RBS-70، الذي تم تحديثه مؤخراً في نسخته NG. يستخدم الأخير من قبل وحدات متخصصة من الجيش البري.
فيما يتعلق بمراقبة المجال الجوي، تم الشروع في مشروع تحديث في السنوات الأخيرة، مع مناقشات حول اقتناء رادارات تكتيكية وأنظمة قيادة وتحكم. تم إجراء مفاوضات خاصة مع صناعيين أتراك، مثل شركة Aselsan، لتزويد تونس برادارات متحركة متوسطة المدى.
تعتمد السلطات التونسية أيضاً على التدريبات العسكرية المشتركة للحفاظ على مستوى من الكفاءة التشغيلية. خلال مناورات الأسد الإفريقي، التي تُنظم سنوياً بالشراكة مع الولايات المتحدة، أتيحت للقوات التونسية الفرصة للتدرب على أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل Avenger، مع تعزيز قابليتها للتشغيل البيني مع الشركاء الغربيين.
لكن بشكل عام، لا تمتلك تونس حتى الآن نظام دفاع جوي متكامل. يبقى الترسانة الحالية دفاعية ومركزة على نقاط حساسة. وفقاً للخبراء، فإن اقتناء أنظمة أكثر تطوراً، مثل تلك متوسطة المدى أو الأنظمة المتعددة الطبقات المتكاملة، لا يزال ضرورياً ولكنه افتراضي، بسبب القيود المالية.
في التصنيف العالمي الذي أُعد في عام 2025 من قبل الموقع المتخصص Global Firepower، تحتل تونس المرتبة 73 من بين حوالي 145 دولة تم تقييمها. يأخذ هذا التصنيف في الاعتبار معايير متنوعة مثل حجم القوات المسلحة، المعدات، الميزانية العسكرية، اللوجستيات والقدرة على إسقاط القوة. على المستوى الأفريقي، تقع تونس في المجموعة المتوسطة، بعيداً عن القوى الإقليمية مثل مصر، الجزائر أو المغرب. ومع ذلك، تستفيد من رأس مال بشري محترف وتعاون منتظم مع جيوش شريكة، خاصة الولايات المتحدة، مما يسمح لها بتعويض بعض النواقص المادية جزئياً.
نقاش حول هذا المنشور