يتواصل النقاش في أوروبا حول إمكانية عودة التجنيد الاجباري خصوصا مع تواصل الحرب الروسية الأوكرانية وما تعتبره أوروبا خطرا يهدد حدودها بالتالي تتفاقم الحاجة أكبر فأكبر الى القوات العسكرية.
منطلق عودة النقاش حول التجنيد الاجباري:
وانطلق الجدل حول عودة التجنيد الاجباري في اوروبا بعد تصريحات لرئيس الأركان العامة للقوات المسلحة البولندية فيسواف كوكوا، حول حاجة البلاد للتجنيد.
من جانبه أفاد نائب وزير الدفاع البولندية، تسيزاري توماشِك، إن السلطات البولندية لن تعيد التجنيد الإجباري في البلاد، على الرغم من التصريحات الأخيرة ولكنها ستجرب في المستقبل القريب أساليب جديدة لإجراء التدريب العسكري في البلاد، لكنه لم يحدد تلك الأساليب. وأكد توماشِك أيضًا أن بولندا ستزيد قريبًا إنتاج واستيراد الدبابات.
وفي ظل تصاعد التوتر مع روسيا، على خلفية حرب أوكرانيا، تبحث دول الناتو خططًا لزيادة تعداد قواتها، ففرنسا مثلا قدمت خطة لتحفيز الجنود على البقاء في الخدمة، بينما تتجه دول أخرى وعلى رأسها كرواتيا لفرض التجنيد الإجباري.
نقاش أوروبي بدأ يتسع حول الفكرة:
وكشف تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” فيفري الماضي أن دول الاتحاد الأوروبي بدأت في مناقشة العودة إلى التجنيد الإجباري في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط لتقوية الدفاعات العسكرية في القارة.
وأوضح التقرير أن هذه المناقشات تأتي في وقت تشهد فيه أوروبا تحديات كبيرة في مجالات الأمن والدفاع، فقد اختفت مسألة التجنيد الإجباري لفترة طويلة من أجندات العديد من الدول الأوروبية منذ الحرب الباردة لصالح الجيوش المهنية الأصغر حجما.
مع ذلك، أصبحت هذه القضية حاضرة اليوم بسبب الظروف الجيوسياسية المستجدة. ونقلت المجلة عن أحد كبار الدبلوماسيين في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، قوله: “للمرة الأولى منذ أن عملت هنا، يتحدث الحلفاء عن كيفية عمل هذا، وكيف نخفض الحواجز أمام الوظائف وأفضل الممارسات للتجنيد، بما في ذلك التجنيد الإجباري”.
وأشار التقرير إلى أن التجنيد الإجباري كان شائعا في جميع الدول الأوروبية تقريبا في الماضي، لكن تدريجيا بدأت هذه الدول تتخلى عن هذه السياسات. على سبيل المثال، كانت المملكة المتحدة أول من تخلت عن الخدمة الوطنية في عام 1960، وتبعتها دول مثل فرنسا وهولندا في التسعينيات. ومن بين الدول الأوروبية التي حافظت على التجنيد الإجباري، توجد فنلندا وسويسرا فقط.
وفي ظل الوضع الأمني الحالي الذي يحيط بأوروبا، مع استمرار التهديدات من روسيا، خاصة في ضوء الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الفوضى في الشرق الأوسط، فقد لفت التقرير إلى أن العديد من الدول الأوروبية بدأت تتطلع إلى إعادة التفكير في خياراتها الدفاعية، بما في ذلك العودة إلى التجنيد الإجباري.
ترامب أحد أهم الدوافع:
ومنذ أن وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى سدة الحكم جانفي الماضي بدأت الثقة في الحليف الامريكي تتناقص خصوصا وأن ترامب لا يكاد يخطو خطوة تجاه حلفائه دون مقابل.
وأعلنت واشنطن، الاثنين الماضي، تجميد مساعدتها العسكرية لأوكرانيا وسط تقارب لافت مع الكرملين منذ المكالمة الهاتفية المطولة، التي أجراها ترامب مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في 12 من فيفري الماضي.
وأثار موقف ترامب قلق أوروبا، التي سارعت لإعلان دعمها لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وخلق شعوراً بضرورة البحث عن بديل أوروبي لمنظومة الأمن، القائمة على دعم الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.
جاليتنا قد تكون مطالبة بالدفاع عن أوروبا اذا خطت نحو التجنيد الاجباري:
وامام هذه المخاوف الأوروبية المتصاعدة من “المارد الروسي” والتصريحات التي تُرجح عودة بعض الدول الاوربية الى التجنيد الاجباري، يُطرح السؤال حول جاليتنا التي قد تكون “جيشا” بدول الاستقرار.
ويحمل جزء كبير من الجالية التونسية المتواجدة بأوروبا، سواء كانت الشرقية أو الغربية، جنسيات بلد الاقامة بالتالي فإن استدعاءهم للخدمة العسكرية أمر مشروع لحكومات تلك البلدان.
وعلى الرغم من معارضة الأحزاب اليسارية بأوروبا للفكرة الا ان بعض القوى السياسية، اليمينية منها بشكل خاص، تدعو إلى إعادة التجنيد الاجباري والاستفادة من القوى الشبابية في الدفاع، قوة شبابية يشكل اغلبها أبناء المهجر.
ومع فوز فريدريش ميرز زعيم حزب الاتحاد المسيحي في الانتخابات الالمانية الأخيرة، والمرشح لمنصب المستشار الألماني، والذي يرغب في جعل ألمانيا محور القيادة الأوروبية، فإن الرجل لا يخفي رغبته في إعادة التجنيد الاجباري ويعبر عنها بشكل صريح.
وفي ألمانيا أيضا ترى جمعية الجيش الألماني أن العودة إلى التجنيد الإجباري هي الحل لمشكلة نقص المتقدمين كما لا يكفي عدد المتقدمين المتطوعين على الإطلاق لمواجهة مشاكل القوى العاملة في الجيش الألماني، لا بين الضباط ولا بين الرتب الدنيا.
نقاش حول هذا المنشور