أكدت منظمات من المجتمع المدني مهتمة بالشأن الانتخابي أنّ قرار حلّ المجالس البلدية من قبل رئيس الجمهورية، يعد “خطوة جديدة نحو تأسيس ما سمّي ب”البناء القاعدي” و”قرارا خطيرا يهدّد بإنهاء مشروع اللاّمركزية في تونس”.
فقد اعتبرت شبكة مراقبون، في بيان اليوم السبت، أنّ المراسيم المتعلقة بالشأن المحلي، “خطوة إضافية في مسار تأسيس البناء القاعدي”، مبرزة أنّ “حلّ المجالس البلدية بصفة جماعية وأحادية فيه خرق لمجلة الجماعات المحلية التي تحدد بدقة في فصلها 204 الحالات التي يمكن فيها حل مجلس بلدي بشكل فردي وذلك بسبب يتعلق ” بإخلال خطير بالقانون أو بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين “.
وأكدت أن هذا القرار “لا يستند الى أي أساس قانوني بل يدخل في إطار تواصل الإجراءات الاستثنائية المتخذة من قبل رئيس الجمهورية، في ظلّ غياب أي تبرير أو أسباب وجيهة وقانونية للقرارات المتخذة”، ملاحظة أن الشكل القانوني لقرار الحل (بمقتضى مرسوم) وتوقيت إصداره (قبل مدة قصيرة من انتهاء المدة النيابية البلدية وقبل 3 أيام من انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب) يعكس توجّها واضحا نحو تحديد قواعد اللعبة السياسية والقانونية بعيدا عن كل طابع تشاركي والحد الأدنى من النقاش والبعد الديمقراطي.
وبيّنت أن “المضامين الجديدة للمرسوم المنقح للقانون الانتخابي هي ترجمة قانونية حرفية لمشروع البناء القاعدي من خلال التنصيص على أدوات متمثلة في الانتخاب على الأفراد واعتماد دوائر انتخابية ضيقة وآلية التصعيد من المحلي الى الجهوي عن طريق القرعة، حيث يمثل ذلك ضربا صريحا لتجربة اللاّمركزية ولعمل البلديات خلال المدة النيابية (2018-2023) وخطوة أولى خطيرة لإفراغ إدارة الشأن المحلي من فلسفته الأصلية وأهم مبادئه الأساسية كالتدبير الحر والاستقلالية الإدارية والمالية وما يعنيه ذلك من إمكانية تحويل المجالس البلدية الى هياكل صورية لا تتمتع بأي صلاحيات تقريرية خاصة على المستوى التنموي”.
حذرت شبكة مراقبون “من مغبة الانزلاق الى مربعات العنف والمحاكمات الشعبية التي يمكن ان تسلط على رؤساء وأعضاء المجالس البلدية على اثر قرارات حل هذه المجاس “.
بدوره لاحظ رئيس جمعية “عتيد” لمراقبة شفافية ونزاهة الانتخابات، بسّام معطر، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء اليوم السبت، أنّ قرار حلّ المجالس البلدية” قرار خطير ويهدّد بإنهاء مشروع اللاّمركزية في تونس إذا لم يقع تحديد موعد للانتخابات البلدية قريباً وفق ما ينصّ عليه القانون”.
واعتبر أنّ هذه الخطوة المتخذة من رئيس الجمهورية “تؤسّس لإرساء حكم فردي حيث لا توجد ديمقراطية تشاركية ومشاركة في اتخاذ قرارات الشّأن المحلّي” .
وقال إنّ “اتهام البلديات بالفساد كلام محانب للصّواب، إذ أنّه لا يمكن أن يكون هناك مؤاخذات على 350 بلدية في تونس بالقدر ذاته”، مبرزا أن “شبهات الفساد تستوجب التوجه إلى القضاء وليس حلّ كلّ المجالس البلدية” .
واشار معطر الى أنه “كان من الأجدى ترك أمر تنقيح القانون الانتخابي وتنظيم مسار اللامركزية إلى البرلمان الجديد الذي سينطلق في العمل بعد أيّام قليلة قائلا “إذا تم تعيين نيابات خصوصية في هذه الفترة فهذا يعني أنه لا يوجد نيّة لتنظيم الانتخابات البلدية قريبا”ً.
يذكر أن منظّمة “أنا يقظ” كانت قد دعت في بيان لها الجمعة الـ 10 من مارس الجاري، المجالس البلديّة التي قرّر رئيس الجمهورية قيس سعيّد حلّها إلى الطعن في هذا الإجراء أمام المحكمة الإداريّة.
حيث ذكّرت المنظمة في بيانها بأن الفصل 204 من مجلّة الجماعات المحليّة ينصّ على أنّه “يمكن لرئيس الجماعة أو لثلث أعضاء المجلس الطعن في قرارات الإيقاف أو الحل أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصة وللمعنيين طلب ايقاف تنفيذ القرارات المذكورة في أجل خمسة أيام من تاريخ إعلامهم بالقرارات”.
هذا واتهمت المنظمة سعيّد بخرق الفصل 104 من مجلة الجماعات المحلية مشيرة الى انه أعلن عن حلّ المجالس البلديّة المنتخبة سنة 2018 بنسبة مشاركة بـ 35.6% قبل شهرين من انتهاء مدّتها النيابيّة.
وكان قد صدر في العدد الأخير للرائد الرسمي بتاريخ أمس الخميس 9 مارس 2023 المرسوم عدد 9 لسنة 2023 مؤرخ في 8 مارس 2023 يتعلق بحلّ المجالس البلدية.
وينص الفصل الأول منه على أن يتم حلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة.
كما نص الفصل الثاني على أن يتعهد المكلف بالكتابة العامة للبلدية، تحت إشراف والي الجهة، مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها، وعلى أن تُلغى جميع الأحكام المخالفة لهذا المرسوم وفق الفصل الثالث منه.
نقاش حول هذا المنشور