كشفت دراسة نشرها مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط بتاريخ 17 أوت 2023 ان صربيا استغلّت ورقة المهاجرين التونسيين للضغط على الاتحاد الأوروبي.
واوضح التقرير أن بلغراد استغلت ورقة المهاجرين قبل توقف عملية عبورهم عبر أراضيها الى دول الاتحاد الاوروبي في شهر نوفمبر الماضي، إضافة إلى أن بعض دول العبور الأخرى واصلت استخدام ورقة الهجرة غير الشرعية لتعزيز نفوذها الجيوسياسي.
واعتبر التقرير أن المهاجرين التونسيين كانوا يميلون إلى التفاوض مع المهرّبين لإبرام صفقات شاملة أطلقوا عليها اسم “التسليمة”، وأتاحت هذه الصفقات للمهاجرين الاستفادة من خدمات المهرّبين من أجل عبور المجر والوصول إلى النمسا، في حين كان من دفع مبلغًا أدنى مضطرًّا لعبور المجر بمفرده.
ووفق ذات المصدر فقد تراوحت كلفة الرحلة الواحدة للتونسيين بين صربيا وأوروبا الغربية بين 4,000 و 7,500 اورو من دون احتساب نفقات السفر إلى تركيا ومن تركيا إلى صربيا، وفي هذا الإطار، لعبت الجالية التونسيّة في الخارج، وفقا للدراسة، دورًا حيويًا في تمويل هذه الرحلات بسبب القيود المالية المفروضة في تونس، إذ ان الحكومة التونسية لا تسمح للمسافرين بصرف أكثر من 6,000 دينار سنويًا، بما يدفع المهاجرين إلى اللجوء لأقاربهم بحثًا عن سبُل بديلة لتسديد الأموال إلى المهرّبين.
وحسب المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، فقد حقّقت شبكات التهريب العاملة على طول طريق غرب البلقان (بدءًا من تركيا، ثم في صربيا والمجر) عائدات لا تقل قيمتها عن 50 مليون اورو سنة 2020 وتراوحت كذلك، عائدات شبكات التهريب العاملة في المناطق الحدودية بين صربيا والمجر بين 8.5 و 10.5 ملايين اورو في عام 2020 .
وإعتبر المركز البحثي الافليمي في دراسته ان تونس تقدّم خير دليل على المرونة التي تتّسم بها التحركات البشرية العابرة للحدود الوطنية في عالم اليوم الشديد الترابط. باعتبار انه بوسع الجهات غير الدولية تعديل أساليب عملها بسرعة. وهذا الأمر ينطبق حسب المركز أيضًا على استراتيجيات مختلف الدول المنخرطة في عمليات الهجرة حيث يكشف النموذج الصربي الكثير من الحقائق حول تنظيم الهجرة، والقضايا الجيوسياسية المرتبطة بذلك، والعلاقات التي تجمع بين الجهات الدولية والجهات غير الدولية في محاولة استغلال قضية الهجرة غير الشرعية خدمةً لمصالحها الخاصة.
وأكد التقرير على أن نجاح الاتحاد الأوروبي في إغلاق طريق صربيا في وجه المهاجرين التونسيين لا يعني بالضرورة أن هذه الممارسات لن تستمر على قدم وساق في أماكن أخرى،وعلى ان الدوافع التي تحدو بالكثير من الدول الواقعة عند أطراف أوروبا إلى السماح للمهاجرين بمواصلة التدفّق عبر أراضيها ستبقى قائمة في المستقبل.
يذكر انه بين عامَي 2020 و2022 سافر مهاجرون تونسيون إلى دول أوروبا الغربية بشكل غير شرعي سالكين طريق صربيا بدلًا من طريق البحر المتوسط المحفوف بالمخاطر والخاضع لرقابة أشدّ. وتضمّنت عوامل الجذب الى هذه الهجرة في تونس بالأساس تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فيما شملت عوامل الجذب في أوروبا انتشار شبكات تهريب المهاجرين وتغاضي السلطات الصربية عن أنشطتها، وفق التقرير المشار إليه.
نقاش حول هذا المنشور