انقسم الشارع التونسي حول القرارات الصادرة مؤخرا عن وزارة العدل والتي أذنت فيها للنيابة العمومية بتتبع من ينشر محتوى رقمي غير أخلاقي ويطبع مع الرداءة، حيث اعتبر البعض أن القرار في محله ويجب الضرب بيد من حديد على “التافهين” في حين يرى طيف آخر أن “السجون” ليست حلا للتصدي لهذه الظاهرة التي يختلف كونها سلبية.
القانون التونسي يجرّم بعض التصرفات على وسائل التواصل الاجتماعي:
وتساءل البعض عن وجود نص قانوني يجرّم فعليا ما يقع تداوله اليوم من طرف من يطلق عليهم ب”صناع المحتوى”، حيث أكد القاضي والدكتور في القانون فريد بن جحا أن الفصل 86 من مجلة الإتصالات قد نصّ على عقوبة سجنية لمدّة عاميْن لكلّ من يتعمّد الإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
وأوضح بن جحا في تصريح إعلامي لاذاعة الجوهرة أف أم اليوم الثلاثاء أن الفصل 226 يتعلّق هو الآخر بالتجاهر بما ينافي الحياء وبالتالي يُعاقب وفق لمقتضاه من يخالف نصه.
وتابع المتحدث أنّ “الفصل 226 مكرر من المجلة الجزائية نص على عقوبة سجنية تصل الى 6 أشهر مع خطية مالية ضد أي اعتداء علني على الأخلاق الحميدة”.
وأكد بن جحا أنّ “مشاركة أيّ محتوى غير لائق (partager) يُعرّض صاحبه إلى التتبّعات القضائية وذلك لمساهمته في نشر الرداءة والمشاهد المبتذلة المسيئة للنمط المجتمعي”، وفق تعبيره.
ودعا بن جحا رواد مواقع التواصل الإجتماعي إلى “توخّي الحذر خاصّة وأنّ المشرّع يمكنه الترفيع في العقوبات المذكورة تماشيًا مع تطور الجرائم الإلكترونية”.
الرداءة تجتاح منصتي تيك توك وأنستغرام:
ويُلاحظ متصفح منصتي تيك توك وأنستغرام في تونس مؤخرا انتشار “محتوى” مناف تماما لقيم المجتمع التونسي وأخلاقه حتى ان بعضهم ذهب الى وصف ما تحتويه المنصتين على أنه “بغاء علني”.
كما ان بعض “المشهورين” على هاتين المنصتين بشكل خاص قد اتخذوا من “الثلب والشتم وتشويه الأعراض” مادة تحقق شهرة سريعة وهو ما خلف استياء لدى فئة واسعة من التونسيين الذين دعوا الى ارساء حدود قانونية قد تساهم في الحد من هذه الرداءة.
بل ان بعضهم ذهب الى المطالبة بضرورة الحد من استعمال هذه التطبيقات لمن سنهم دون ال18 سنة لما تمثله من خطر على التركيبة النفسية والسلوكية لهذه الفئة العمرية.
الرداءة ساهمت في نشرها وسائل اعلام ونقلتها إلى التطبيقات الالكترونية:
ويلاحظ المتابع المشهد الإعلامي في تونس أن الرداءة كانت وليدة قنوات تلفزية قبل ان تكون على “الهواتف” بل ان شاشات معينة تتحمل المسؤولية التامة في تطبيع المجتمع مع النوع المعروض.
ومنذ “الثورة” اتجهت عديد القنوات الإعلامية الى اتخاذ “التفاهة” مادة اعلامية تُعرض كل عشية سبت أو كل ليلة رأس سنة بل ان التنافس كان في ترذيل المشهد الذي يقدم للمشاهد التونسي عبر “العري” و” الغشة في المصطلحات”.
ثم ان عديد المنصات الإعلامية والتي تتمركز بشارع الحبيب بورقيبة الى حدود اليوم قد اتخذت من إظهار التونسي مادة للسخرية والغباء “سُلم” بلوغ الى اعلى نسب المشاهدات دون اي ادنى اكتراث بالرسالة الاعلامية وتأثيرها على المجتمع.
ويلاحظ أيضا أن “الرداء” سُلبت شيئا فشيئا من “التلافز التونسية” لتنتقل الى منصات كتيك توك الذي تتيح خوارزمياته الشهرة السريعة مهما كان المحتوى وبالتالي يُفرض على التونسي مشهد سيء اينما اتجه.
نقاش حول هذا المنشور