شهد التعاون الاقتصادي بين تونس وجمهورية التشيك نموا في السنوات الأخيرة، حيث يشترك البلدان في رغبة مشتركة في تعزيز علاقاتهما الاقتصادية.
قطاع السيارات – محرك التجارة
ووفقا لمركز CEPEX، فإن التعاون بين تونس وجمهورية التشيك مستمر في التقدم والتطور، حيث أظهرت أرقام النصف الأول من عام 2023 نموا جليًّا في التجارة البينية التي بلغت 285,9 مليون يورو في الفترة الممتدة بين جانفي وجويلية، مع بقاء الميزان التجاري لصالح تونس.
وهيمن بشكل رئيسي قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية على المبادلات بين البلدين، حيث تعتبر تونس المورد الأفريقي الثالث لجمهورية التشيك.
ولا شك أن أهم فصل في التبادلات التجارية بين البلدين تظل الشركة المصنعة التشيكية سكودا أوتو، المتعاونة مع مجموعة فولكس فاجن.
ودخلت ماركة سكودا السوق التونسية عام 2015 بموديلات تعرف باسم فابيا أو أوكتافيا وعلى مر السنين، توسعت مجموعة سكودا مع كاروك وكودياك وسوبرب أولاً، ثم سكالا وكاميك، وحاليا مع مولود سكودا الجديد، كوشاك.
وصدرت تونس بدورها سنة 2022 ما يعادل 126 مليون دينار من المكونات الميكانيكية والكهربائية المستخدمة في صناعة السيارات إلى جمهورية التشيك (زيادة بنسبة 63% مقارنة بسنة 2021) واستوردت ما يعادل 94 مليون دينار من السيارات (زيادة 80) % مقارنة بعام 2021) بشكل رئيسي من مصنع سكودا.
ومن خلال اختيار مصدر مكوناتها في تونس بالإضافة إلى عناصر البحث والتطوير المستخدمة في تصنيع سياراتها، تعمل سكودا على تعزيز مساهمتها في خلق القيمة وفرص العمل في تونس.
التنويع يعزز التجارة
ومن أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، انعقدت الدورة الخامسة للجنة الاقتصادية المشتركة التونسية التشيكية ببراغ يومي 25 و26 سبتمبر 2023 برئاسة المدير العام للشؤون الاقتصادية. والتعاون التجاري في وزارة التجارة وتنمية الصادرات، لزهر بنور، ومدير عام الاتحاد الأوروبي والتجارة الخارجية في وزارة التجارة والصناعة التشيكية، ديفيد مولر.
والهدف من ذلك هو مناقشة سبل تطوير الشراكة الاقتصادية بطريقة مربحة للجانبين مع التأكيد على أهمية تحديد القطاعات ذات الإمكانات غير المستغلة، والتي منها على سبيل المثال: الزراعة والطاقة والتعدين والصناعة والمياه، إلى جانب صناعة السيارات والسياحة.
كما كان التعاون المحتمل في أسواق أفريقيا وليبيا والأمن الغذائي وتحسين ظروف التجارة الثنائية في قلب المناقشات.
وتم تنظيم منتدى أعمال تونسي تشيكي بهذه المناسبة حيث يتجلى التعاون الوثيق بين اتحاد الصناعة والنقل في الجمهورية التشيكية ووزارتي التجارة التشيكية والتونسية والسفارة التونسية ببراغ وسفارة الجمهورية التشيكية بتونس.
كما تم تنظيم جلسة تواصل جمعت ممثلين عن البلدين ووفد من رجال الأعمال من البلدين العاملين في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك مثل قطاع الزراعة والأغذية الزراعية وقطاع EMI والطاقة والمنسوجات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات.
وشاركت في هذا المنتدى رئيسة الممثلية التجارية لمركز CEPEX في وارسو ببولندا روضة الجربي.
وتأتي هذه المناسبات في أعقاب بعثات أعمال تونسية مثل بعثة CONECT International في ديسمبر الماضي، أو غيرها من البعثات القطاعية التشيكية في تونس.
استغلال نقاط القوة في تونس
وتسعى العلاقات التجارية بين تونس وجمهورية التشيك إلى تسليط الضوء على إمكانات تونس، حيث تعتبر تونس كمركز اقتصادي للقارة الأفريقية بأكملها، الامر الذي يجعلها مفتاحا يتيح الوصول إلى الأسواق الأفريقية سريعة النمو.
ومن المهم أيضا التأكيد، في هذا السياق، على أهمية النسيج الصناعي الموجود حاليا في تونس فيما يتعلق بقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية وضرورة الحفاظ على منجزاته ومواصلة تطويرها.
ويمكن لتونس أن تستفيد، خلال هذه الفترة، من التحول القوي لقطاع السيارات في أوروبا، الذي يواجه العديد من الصعوبات والتحديات والذي يعتبر تونس بشكل خاص موقعا يتمتع بإمكانيات قوية لإعادة توجيه إمداداتها لتصميم وتصنيع المكونات ذات القيمة المضافة العالية.
و إذا كان البعض يعتبر استيراد السيارات عاملا مساهما في خلق نزيف في موارد النقد الأجنبي للبلاد، فإن الامر يعتبر مختلفا تماما بالنسبة لسكودا حيث تتجلى مساهمتها في تنمية البلاد وخلق فرص العمل عن طريق اختيارها لتونس بالذات من أجل تزويدها بما تحتاجه.
نقاش حول هذا المنشور