رجّحت دراسة نُشرت بتاريخ أمس الأربعاء 12 مارس 2025 في مجلة Nature، أن بعض الصيادين الأوروبيين قد عبروا البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى تونس الحالية قبل نحو 8,500 عام، ما يعيد تعريف العلاقة بين الضفة الشمالية والجنوبية للمتوسط.
تعتمد هذه الاكتشافات على تحليل الحمض النووي لاكتشافات أثرية عثر عليها في ولاية باجة بتوزس وهي تُعد أول دليل جيني مباشر على الملاحة البحرية ما قبل التاريخ بين أوروبا وشمال إفريقيا.
وشملت الدراسة تحليل الحمض النووي لتسعة أفراد عاشوا بين 6,000 وأكثر من 10,000 عام قبل الميلاد، وقد استُخرجت عيناتهم من مواقع أثرية في شرق المغرب العربي (تونس) من بينها دجبة(باجة) في تونس.
وبينما أظهرت معظم العينات أصولًا جينية محلية، فقد كشف تحليل رفات رجل من دجبة عن سلالة غير متوقعة، حيث تبيّن أن نحو 6% من حمضه النووي يعود إلى صيادين أوروبيين.
وعلى عكس غرب المغرب العربي، حيث حلّت الجينات القادمة من أوائل المزارعين الأوروبيين محل الجينات المحلية إلى حد كبير، يبدو أن تونس والجزائر حافظتا على إرثهما الجيني الأصلي، رغم وصول هذه المجموعات الأجنبية.
وقد يُفسَّر هذا الأمر بأسلوب حياة يجمع بين الصيد والجمع والرعي، دون تبني الزراعة على الفور.
تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة لفهم الهجرات البشرية عبر البحر الأبيض المتوسط، وتعيد الاعتبار لدور شمال إفريقيا في التفاعلات ما قبل التاريخ.
وقالت عالمة الوراثة السكانية روزا فريجل، في جامعة لا لاغونا في تينيريفي بإسبانيا، إن اكتشاف أصل الصيادين الأوروبيين في شمال أفريقيا مهم و يظهر أن البحر الأبيض المتوسط لم يكن حاجزا كبيرا لشعب العصر الحجري. و تتوقع أن تظهر الدراسات المستقبلية المزيد من المفاجآت على ضفتي البحر المتوسط.
وكما أوضح عالم الوراثة ديفيد رايش من جامعة هارفارد، وهو أحد المشاركين في الدراسة: “كان هناك فراغ هائل في تاريخ شمال إفريقيا، وهذه الأبحاث تساعد في سدّه.”
وأعرب عالم الآثار جوليو لوكاريني، أحد المساهمين في الدراسة، عن امتنانه لزملائه قائلًا:
“أشكر من أعماق قلبي جميع زملائي الذين شاركوني هذه المغامرة الرائعة التي قادتنا إلى نشر هذا العمل بالغ الأهمية. شكر خاص لنبيهة العوادي ولطفي بالحوشة على استضافتي في تونس، لكن امتناني الأكبر لصديقي سيموني مولاتزاني على كل ما قدمه لعلم الآثار في شرق المغرب العربي، رغم أن إنجازاته لم تُقدَّر كما ينبغي في عالم أكاديمي غالبًا ما يسعى وراء الفرص.”
تُبرز هذه التصريحات أهمية التعاون العلمي بين الباحثين المحليين والدوليين لفهم تاريخ المغرب العربي القديم بشكل أعمق.
نقاش حول هذا المنشور