أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل، بيانا اليوم الأربعاء 3 جويليةة2024، عبّر من خلاله عن رفضه إحداث السلطة تنقيحات على مجلة الشغل “بشكل أحادي” ودون تشريك الهياكل المعنية.
وجاء في بيان الاتحاد إنه قد “تتالت منذ مدّة تصريحات مسؤولي السلطة في جميع المستويات حول اعتزامها تنقيح قوانين الشغل وبالتحديد مجلّة الشغل وخاصّة ما تعلّق بالعقود وبالتشغيل الهش، وقد انعقد الثلاثاء مجلس وزاري في الغرض.
واكدت المنظمة الشغيلة أنّ ” مجلّة الشغل مكسب وطني جاء نتيجة جهد تشاركي مبكّر وحوار اجتماعي غير مسبوق، وأنه قد مرّ عليها ما يقارب 6 عقود وقد آن الأوان لتعديلها وتطويرها بنفس الروح التشاركية بين أطراف الإنتاج التي ولدت فيها”.
واعتبر الاتحاد أنّ “الإصرار على إحداث تنقيحات على مجلّة الشغل من جانب واحد هو إقصاء صريح للشركاء الاجتماعيين وتراجع غير مفهوم ولا مبرّر عن التقاليد المكتسبة للحوار الاجتماعي والقائمة على مبدأ التشاور الثلاثي بين الأطراف الاجتماعيين الثلاثة والتي كانت تكرَّس منذ استقلال تونس من خلال إصدار كلّ النصوص القانونية والتعاقدية التي تشكّل اليوم قانون الشغل التونسي (مجلّة الشغل والاتفاقية المشتركة الإطارية والاتفاقيات المشتركة القطاعية والنظام الأساسي للوظيفة العمومية والنظام الأساسي للدواوين والمنشآت العمومية والأنظمة الأساسية الخاصة)”.
وشدد الاتحاد على أنّ “الانفراد بمراجعة القانون المتعلّق بإصدار مجلة الشغل التونسية يعدّ تنكّرًا للعقد الاجتماعي الذي وقّعه الأطراف الاجتماعيون الثلاث، وهم كل من الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يوم 14 جانفي 2013 بحضور المدير العام لمنظمة العمل الدولية”.
وتابع اتحاد الشغل أنّ “قضيّة التشغيل الهشّ كانت ومازالت من أهم القضايا الشغلية التي أولاها الأولوية القصوى في كلّ الفترات”، مستدركًا أنّ “سياسة الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية كانت دومًا تهدف إلى تسريب المناولة وسائر الأشكال الهشة وفرضها بناء على عقيدة رأسمالية مكرّسة لمرونة التشغيل واستعباد الأجراء عبر أجور زهيدة واتّجار باليد العاملة كأقصى حالات استعباد الأجراء”.
ودعا الاتحاد إلى حوار اجتماعي حقيقي لإنهاء ما اسماه “معاناة آلاف عمال المناولة والمرتين النواب وأعوان التأطير في وزارة التربية ومتعاقدي قطاعات الصحّة والثقافة والتعليم العالي وغيرهم والتفاوض حول طبيعة ومفهوم وآليات مناولة الخدمة في القطاع الخاص.”
وأضاف أنّ “مجلّة الشغل قد تضمّنت مكاسب جمّة للعمال وقد جاءت بروح اجتماعية تهدف إلى توفير شروط العدالة الاجتماعية غير أنّها خضعت لاحقًا إلى موازين القوى فقد استغلّت الحكومات وأرباب العمل الأزمات التي أدّت إلى اعتقال النقابيين وطردهم وتنصيب نقابات موالية لتمرير تنقيحات لم تكن أبدًا لصالح العمّال كالفصل 6-4 والتربّص والترسيم والفصول المتعلّقة بالطرد والتعويض والأمراض المهنية وحوادث الشغل والحقّ النقابي وغيرها من الفصول التي جعلت العامل الحلقة الأضعف الخاضعة لأهواء صاحب المؤسّسة”، حسب تقديره.
وأردف أنّ “تنقيح مجلّة الشغل يستدعي تقييمًا مشتركًا بين أطراف الإنتاج لكامل المجلّة، ولا يجب أن ينحسر في مسألة العقود والتشغيل الهشّ، على أهمّيتها في تحرير العمّال من ربقة العبودية الجديدة”.
وواصل الاتحاد أنّ “قوانين الشغل لا تقتصر على مجلّة الشغل بل تشمل القوانين الأساسية العامة للوظيفة العمومية وللمنشآت والدواوين والمؤسّسات العمومية وكذلك الأنظمة الأساسية القطاعية والتي تمّ الشروع في التفاوض حولها وتقدّمت الأشغال بنسب كبيرة غير أنّ تعطيل الحوار الاجتماعي وضرب المفاوضة الجماعية منذ ما يقارب السنتين قد أوقف هذا الجهد الجماعي ومنع تطوير هذه الأنظمة وأضرّ بحقوق الأعوان والموظّفين والعمّال”
وشدد على أنه “وجب استئناف التفاوض حولها واستكمالها في أقرب الآجال، في إطار احترام أحكام القانون عدد 54 لسنة 2017 المؤرّخ في 24 جويلية 2017 المتعلّق بإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وضبط مشمولاته وكيفية تسييره”.
وأكد اتحاد الشغل أنّ “كلّ تنقيح أحادي لقانون الشغل هو خرق واضح لهذا القانون الذي نصّص على أنّه يستشار المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وجوبًا في مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر الحكومية ذات العلاقة بالشغل والعلاقات المهنية والتكوين المهني والحماية الاجتماعية”.
واعتبر أنّ أيّ تنقيح لمجلة الشغل من جانب واحد هو إلغاء للعمّال ولممثّليهم الشرعيين من النقابات واستفراد بالقرار والسلطة ونسف للحوار الاجتماعي، مآلاته وأضراره معروفة مسبقًا على مصالح العمال والأجراء عمومًا وعلى الاستقرار الاجتماعي”، معتبرًا أنّ “إقصاء الهياكل المهنية والاستفراد بالقرار لا يمكن أن يخلّف إلاّ الأخطاء والإخلالات والثغرات”، وفقه.
وجدد الاتحاد العام التونسي للشغل رفضه أيّ تنقيح أحادي لمجلة الشغل، محمّلًا السلطة المسؤولية فيما يترتّب عن ذلك، وفق المصدر ذاته.
نقاش حول هذا المنشور