أمام الظغط الذي تمارسه بعض الأطراف الخارجية على تونس لاسيما فيما يخص ملف المهاجرين الأفارقة وحملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت بعض السياسيين والقضاة ورجال الأعمال والإعلاميين والنقابيين، تواصل إيطاليا الوقوف إلى جانب تونس من خلال التصريحات والمطالبة بتوفير الدعم اللازم لجارتها الجنوبية، وهذه المرة وعلى هامش اجتماعات مجلس الشؤون الخارجية والدفاع التابع للإتحاد الأوروبي، في بروكسيل، أعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي ونائب رئيسة الوزراء، أنطونيو تاياني، أن بلاده “ستقدّم حوالي 110 ملايين أورو لفائدة ميزانية تونس والشركات الصغرى والمتوسطة فيها، وذلك من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي”.
هذا ونقلت وكالة “نوفا” الإيطالية للأنباء عن تاياني قوله: “نحن على اتصال دائم بالحكومة التونسية .. وأتمنى أن يتوصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مع الرئيس قيس سعيّد، لضمان الاستقرار”.
وشدد تاياني بالقول:”سنبذل قصارى جهدنا لضمان تمويل هذا البلد بشكل كافٍ، بحيث يمكن إجراء الإصلاحات، لأن التمويل مرتبط بها ،ولضمان الوصول إلى مرحلة استقرار، وبالتالي منع التطرف الإسلامي من الظهور مرة أخرى في شمال إفريقيا”، وفق وكالة الأنباء الايطالية “آكي”.
وواصل رئيس الدبلوماسية الأوروبية دعوته إلى “ضرورة التوصل إلى اتفاق، لكن المشكلة الأساسية هي مشكلة الاستقرار وليس تحديد منهو على خطأ أو من هو على حق”.
وقال تاياني،: “لقد تم تسليط الأضواء على واقع هذا البلد هناك ليس فقط مسألة الاستقرار، ولكن أيضًا قضية الهجرة التي تقلقنا بشدة، لأن الحدود بين ليبيا وتونس تزداد هشاشة ونخاطر برؤية تدفقات جديدة من المهاجرين من تونس”.
ليست المرة التي تدافع فيها الجارة إيطاليا عن تونس !
كانت وكالة ”رويترز” قد نقلت أمس عن تاياني قوله “أكدت مجددا ضرورة تدخل الصندوق بسرعة بدعم اقتصادي ومالي من أجل استقرا تونس ونموها”.
وكان تاياني، قد طالب في مقابلة مع محطة (سكاي24) الإخبارية الأربعاء الـ 15 من مارس 2023، بدعم تونس “كونها المكان الذي ينطلق منه المهاجرين بشكل متزايد”.
وفي سياق متصل، عرج المسؤول الإيطالي على “الوضع في تونس” الذي وصفه بالمعقد بسبب أزمة مالية كبيرة، مشيرا إلى انهم” يعملون بشكل مكثف من خلال تقديم مساعدات إيطالية إلى أن يتمكن صندوق النقد الدولي من تقديم مبلغ المليار دولار الشهير للميزانية”.
وأوضح تاياني أن “دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً، ينبغي أن تقدم نصف مليار دولار، وهذا سيسمح لتونس بالخروج من الأزمة الراهنة”.
يذكر أن تاياني قال في معرض حديثه عن ظاهرة زيادة تدفقات المهاجرين في مقابلة أخرى مع صحيفة (إل جورنالي)، نقلتها وكالة “آكي”، إنه “من المفارقات أنه في هذه المرحلة تم تسجيل رحلات مغادرة لقوارب الهجرة من تونس أكثر من ليبيا التي تعاني أزمة سياسية مستمرة منذ سنوات”.
بدورها كانت وزارة الداخلية الإيطالية قد أعلنت يوم الثلاثاء 14 مارس، أن تونس أصبحت بلد المغادرة الأول للقوارب المحملة بالمهاجرين الوافدين بشكل غير قانوني على إيطاليا.
حيث أظهرت إحصائيات الوزارة أن ما لا يقل عن 12083 شخصًا غادروا السواحل التونسية منذ بداية العام إلى غاية يوم 13 مارس أي بمعدل أكثر من 170 وافد يوميًا، بزيادة قدرها 788 بالمائة مقارنة بـ 1360 وافدًا في الفترة ذاتها من العام الماضي.
يذكر أن جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الايطالية كان قد عبّرت في اتصال هاتفي برئيسة الحكومة نجلاء بودن عن استعداد بلادهال ـ“مواصلة دعم تونس مالياً وأيضا في إطار الاتحاد الأوروبي مع مساندتها أمام المؤسسات المالية الدولية.
هل ستستطيع إيطاليا تغيير نظرة الاتحاد الأوروبي عن تونس لاسيما بعد التطورات الأخيرة؟!
يأتي هذا الدعم الإيطالي على إثر جرف من الانتقادات الخارجة التي تواجهها السلطات التونسية من المانحين الدوليين على غرار صندوق النقد والبنك الدولي، والذي أعقبه موقف الاتحاد والبرلمان الأوروبيين، فأمس وقبيل انعقاد اجتماع مجلس الخارجية والدفاع في بروكسل انتقد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، جوزيب بوريل، بشدة تصريحات رئيس الجمهورية، قيس سعيّد “بشأن المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى التي وصفها بالغير مقبولة”.
وأشار المسؤول الأوروبي إلى أنه قد يظطر لزيارة إلى تونس بنفسه.
يشار الى ان المفوضة الاوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون كانت قد اعلنت يوم الخميس الماضي عن زيارة قريبة لتونس واصفة الوضع بها بـ”المقلق” في إشارة إلى تدفقات المهاجرين.
ونقلت وكالة “اكي “الايطالية عن يوهانسون قولها في خطابها أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ يوم الخميس “نبني معالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي شراكات لمحاربة مهربي البشر وندعم تحقيقات مشتركة مع دول شمال إفريقيا في هذا الصدد”، وفق تصريحها.
وفي سياق متصل كان البرلمان الأوروبي، قد اعتمد الخميس الـ 16 من مارس الجاري، قرارا يحث فيه السلطات التونسية على الإفراج عن جميع المعتقلين “تعسفيا”، واحترام حرية التعبير.
هذا وصوّت النواب الأوروبيون بالأغلبية الساحقة ( 496 صوتا من أصل 537) خلال جلسة في مقر البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، لصالح القرار الذي يدعو السلطات التونسية إلى وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
هذا ويحث القرار السلطات على الإفراج الفوري عن الصحفي نور الدين بوطار وجميع الموقوفين بمن فيهم صحفيون وقضاة ومحامون وناشطون وسياسيون ونقابيون.
كما تضمن القرار القلق البالغ إزاء ما وصفه البرلمان الأوروبي “بالانجراف الاستبدادي” للرئيس قيس سعيّد، والدعوة إلى إعادةا لقضاة المعزولين إلى وظائفهم فورا، ووضع حد لاستخدام المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين.
نقاش حول هذا المنشور