في اليوم السادس من الحرب المستمرة بين إسرائيل وإيران، غيّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجته بشكل واضح، مطالبًا مساء الثلاثاء بـ”استسلام غير مشروط” من طهران، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “تسيطر بالكامل على الأجواء الإيرانية”. هذا التصعيد في الخطاب يتزامن مع تكثيف الغارات الإسرائيلية على العاصمة الإيرانية، واستمرار الضربات الإيرانية داخل الأراضي الإسرائيلية.
نهاية صبر واشنطن
عبر منصة “تروث سوشيال”، وجه ترامب رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، واصفًا إياه بـ”الهدف السهل”، وأضاف: “صبر أمريكا بدأ ينفد”، مؤكدًا أن الاستسلام الإيراني يجب أن يكون كاملاً وبدون شروط.
وقبل هذا التصريح بساعات، عقد ترامب اجتماعًا مطولًا في غرفة العمليات (Situation Room) مع كبار وزرائه والقادة العسكريين، بما فيهم رئيس هيئة الأركان المشتركة. وبحسب مصادر نقلتها CNN، يبدو أن ترامب أصبح أكثر ميلاً نحو شن ضربات تستهدف البنية التحتية النووية الإيرانية، مع إبقاء الباب مواربًا أمام حل دبلوماسي — بشرط خضوع إيران الكامل.
تنسيق أمريكي-إسرائيلي نحو موقف موحد
وفي مساء الثلاثاء، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لم يصدر بيان رسمي بشأن مضمون الاتصال، إلا أن توقيته — وسط ذروة القصف الإسرائيلي على طهران — يعكس وجود هدف مشترك: تحييد القدرات العسكرية الإستراتيجية لإيران.
وأكدت واشنطن أنها تفرض الآن “سيطرة كاملة” على المجال الجوي الإيراني، في رسالة تهدف إلى ردع إيران وتحفيز الحلفاء الإقليميين على دعم سياسة “الضغط الأقصى” التي أُعيد تفعيلها.
طهران تحت القصف
فجر الأربعاء، دوّت سلسلة انفجارات في العاصمة الإيرانية، وأكد الجيش الإسرائيلي تنفيذه غارات استهدفت مواقع عسكرية ونووية في طهران ومحيطها، بما في ذلك منشآت لتصنيع الأسلحة ومنشآت للطرد المركزي في نطنز.
حاولت الدفاعات الجوية الإيرانية التصدي للهجمات، لكن مقاطع مصورة على مواقع التواصل أظهرت أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من مناطق سكنية. السلطات الإيرانية لم تقدم تفاصيل كافية، فيما لا يزال عدد الضحايا غير مؤكد.
رد إيراني وتكتم إسرائيلي
ردًا على الغارات، أطلقت إيران رشقة من الصواريخ، بعضها من طراز “فتح” الفرط صوتي، باتجاه وسط وشمال إسرائيل. وسمعت انفجارات في تل أبيب، بينما أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية إصابة 94 شخصًا، معظمهم جراء الشظايا.
وتلتزم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الصمت بشأن المواقع المستهدفة وحجم الأضرار، لكن تقارير إعلامية تحدثت عن اندلاع حرائق في عدة مناطق.
حصيلة غير متوازنة
منذ بدء المواجهات، أسفرت الغارات الإسرائيلية على إيران عن مقتل أكثر من 240 شخصًا، بينهم 70 امرأة وطفلاً، حسب مصادر طبية. في المقابل، سقط 24 قتيلًا إسرائيليًا جراء الضربات الإيرانية.
غزة تنزف بصمت
في موازاة هذا التصعيد، تتواصل الحرب في قطاع غزة وسط تجاهل دولي. وقتلت القوات الإسرائيلية، صباح الأربعاء، 89 فلسطينيًا في خان يونس، معظمهم أثناء انتظار المساعدات. وأكدت وزارة الصحة المحلية أن عدد القتلى تجاوز 55 ألفًا، فيما ناهز عدد الجرحى 128 ألفًا.
نحو مواجهة شاملة؟
تشير المطالب الأمريكية الأخيرة إلى تحول خطير في مسار النزاع. ويبدو أن الخط الأحمر قد تم تجاوزه. وبين خيار التصعيد أو الدخول في مفاوضات من موقع ضعيف، تجد طهران نفسها أمام لحظة حاسمة. وحتى اللحظة، لا توجد أي مؤشرات على تحرك دبلوماسي فعّال.
نقاش حول هذا المنشور