تم اختيار ثلاثة أفلام أوروبية طويلة كمتأهلين للتصفيات النهائية لجائزة «نقاد العرب للأفلام الأوروبية»، وهي جائزة تم إنشاؤها بشكل مشترك من قبل «الترويج للسينما الأوروبية» و«مركز السينما العربية»، بالتعاون مع «مهرجان الجونة السينمائي» في مصر. من بين عشرين فيلماً تم تقديمها هذا العام، اختار لجنة التحكيم، المكونة من مائة ناقد سينمائي من ستة عشر دولة ناطقة بالعربية، فيلم «الصماء» للمخرجة إيفا ليبرتاد (إسبانيا)، و«دي جي أحمد» لجورجي إم. أونكوفسكي (مقدونيا الشمالية، جمهورية التشيك، صربيا، كرواتيا) و«يونان» لأمير فخر الدين (ألمانيا، كندا، إيطاليا، فلسطين، قطر، الأردن، السعودية).
يشرفني شخصياً أن أكون من بين هؤلاء المائة ناقد عربي الذين يشاركون في هذا التصويت المرموق، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز رؤية الأفلام الأوروبية في العالم العربي وتشجيع التبادل الثقافي بين المنطقتين.
فيلم «الصماء»، أول فيلم طويل للمخرجة الإسبانية إيفا ليبرتاد، هو اقتباس حميمي لفيلمها القصير الذي يحمل نفس الاسم. مستوحى من تجربتها العائلية الخاصة، تروي المخرجة قصة علاقة زوجين مختلطين – امرأة صماء ورفيقها السامع – يواجهان الأمومة وحواجز التواصل. تستكشف ليبرتاد بدقة كبيرة التوترات وسوء الفهم والحنان الذي يمر عبر هذه القصة العاطفية الصامتة، كاشفة عن الثراء العاطفي للعالم الداخلي للشخصيات. عُرض الفيلم في مهرجان برلين السينمائي في قسم «بانوراما»، حيث فاز بجائزة الجمهور وجائزة السينما الفنية والتجريبية. ثم انتصر في مهرجان مالقة، حيث حصل على ست جوائز، بما في ذلك جائزة أفضل فيلم، وأفضل ممثلة، وأفضل ممثل. كما فاز الفيلم بجائزة نقاد أمريكا اللاتينية للأفلام الأوروبية في مهرجان غوادالاخارا. تم إنتاج الفيلم من قبل ديستينتو فيلمز، نيكسوس كريافيلمز، وأ كونتراكرينتي فيلمز، ويتم توزيعه دولياً من قبل شركة لاتيدو فيلمز في مدريد.
الفيلم الثاني المختار، «دي جي أحمد»، أول فيلم طويل للمخرج المقدوني جورجي إم. أونكوفسكي، شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان صندانس السينمائي 2025، حيث فاز بجائزة الجمهور للسينما العالمية – قسم الدراما، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم للرؤية الإبداعية. تدور القصة في قرية نائية في مقدونيا الشمالية وتحكي رحلة أحمد، راعي شاب يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، الذي تغيرت حياته باكتشافه للموسيقى الإلكترونية. حلمه بأن يصبح دي جي يصطدم بالتقاليد، وتوقعات العائلة، وحب ممنوع. من خلال هذا الشخصية، يصور أونكوفسكي شكلاً من أشكال المقاومة الصامتة، تلك التي تنشأ في الهوامش، عندما تتحدى الحرية الداخلية ثقل الإرث. يتميز الفيلم بلغة بصرية نادرة، حيث يلتقط «دي جي أحمد» الجمال الخام للمناظر الطبيعية المقدونية وحيوية شاب يحاول فرض صوته في عالم يريد إسكاته. تم إنتاج الفيلم بشكل مشترك من قبل سينما فوتورا وسيكتور فيلم (مقدونيا الشمالية)، ألتر فيجن وأنالوج فيجن (جمهورية التشيك)، باك روم برودكشن وباش تشيليك (صربيا) بالإضافة إلى 365 فيلمز (كرواتيا)، ويتم توزيعه دولياً من قبل فيلمز بوتيك.
أخيراً، «يونان»، الفيلم الطويل الثاني للمخرج السوري الفلسطيني أمير فخر الدين، هو عمل تأملي وشعري حول المنفى، والوحدة، والبحث عن المعنى. يتبع الفيلم رحلة رجل عربي وصل إلى جزيرة معزولة في شمال ألمانيا، عازماً على إنهاء حياته. لقاءه مع مجتمع ألماني مهمش، يتميز بالمحافظة والهشاشة، يغير تدريجياً نظرته للعالم ولنفسه. تم تصوير الفيلم في جمال المناظر الطبيعية الشمالية القاسية، حيث ينشر «يونان» حواراً صامتاً بين الإنسان والطبيعة، بين المنفى الداخلي وإمكانية التجدد. كان الفيلم في منافسة في مهرجان برلين السينمائي وفاز بجائزة الطائر الذهبي لأفضل ممثل (جورج خباز) وأفضل ممثلة (هانا شيغولا) في مهرجان هونغ كونغ السينمائي الدولي. تم إنتاج الفيلم من قبل دوروثي بينماير لشركة ريد بالون فيلم (ألمانيا)، بالتعاون مع ميكروكليما فيلم (كندا) وإنتراموفيز (إيطاليا)، بالإضافة إلى فريسكو فيلمز، ميتافورا برودكشنز، وتابي360، ويتم توزيعه من قبل إنتراموفيز، بينما تتولى ماد سوليوشنز المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تجسد هذه الأفلام الثلاثة المتأهلة للتصفيات النهائية كل منها بطريقتها الخاصة أوروبا متعددة الثقافات، تتخللها تساؤلات عالمية: التواصل والصمت (الصماء)، التحرر والإرث (دي جي أحمد)، المنفى والنهضة (يونان). كما تعكس حيوية سينما المؤلف الأوروبية القادرة على الحوار مع العالم العربي، من خلال سرد قصص إنسانية عميقة.
سيتم الكشف عن الفيلم الفائز في هذه النسخة السادسة خلال مهرجان الجونة السينمائي (16 – 24 أكتوبر 2025).
أطلقت جائزة «نقاد العرب للأفلام الأوروبية» في عام 2019، وهي نتاج شراكة بين EFP وACC. هذه الجائزة هي امتداد لجائزة «نقاد الأفلام العربية» التي أنشأها نفس المركز. الهدف مزدوج: تشجيع نشر الأعمال الأوروبية ذات الجودة في العالم العربي وتسليط الضوء على الدور الأساسي للنقاد العرب في اكتشاف الوساطة الثقافية.
منذ إنشائها، كرمت هذه الجائزة العديد من الأفلام البارزة: «الله موجود، اسمها بتروينا» لتونا ستروغر ميتيفسكا (2019)، «أوندين» لكريستيان بيتزولد (2020)، «107 أمهات» لبيتر كيريكيس (2021)، «إي أو» لجيرزي سكوليموفسكي (2022)، «الأوراق المتساقطة» لأكي كاوريسماكي (2023) و«بذور التين المقدس» لمحمد رسولوف (2024).
مدعومة من قبل برنامج «أوروبا الإبداعية – ميديا» للاتحاد الأوروبي، تعكس هذه المبادرة الإرادة المشتركة لمؤسسيها: تشجيع الحوار بين الثقافات من خلال نظرة النقاد، والاحتفال بالسينما كلغة عالمية قادرة على تجاوز الحدود.
نائلة ادريس
نقاش حول هذا المنشور