سيستضيف مهرجان الجونة السينمائي، المقرر عقده من 16 إلى 24 أكتوبر 2025، مرة أخرى جوائز النقاد العرب للأفلام الأوروبية، وهو حدث أصبح الآن لا غنى عنه ويصل إلى نسخته السابعة. تم إنشاء هذه المبادرة بشكل مشترك من قبل الترويج الأوروبي للأفلام (EFP) ومركز السينما العربية (ACC)، وتسلط الضوء على ثراء وتنوع السينما الأوروبية من خلال نظرة 100 ناقد عربي من 16 دولة. مهمتهم: اختيار ثلاثة مفضلين من بين العشرين فيلماً المختارة، قبل الإعلان عن الفائز النهائي خلال المهرجان.
تجسد اختيارات 2025 تنوع الكتابات الأوروبية وأصالة النهج الفنية. العديد من هذه الأعمال قد تركت بصمة في أكبر المهرجانات الدولية أو مثلت بلدانها في سباق الأوسكار لأفضل فيلم دولي. من بينها نجد “أمهات شابات” للأخوين جان بيير ولوك داردين (بلجيكا)، الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في كان، و”فتيات المشاكل الصغيرة” لأورسكا ديوكيك (سلوفينيا) أو “مصحة” للمخرج الوثائقي الأيرلندي جار أورورك. أفلام أخرى، حازت على جوائز عديدة، تؤكد مكانتها في هذه المنافسة: “دي جي أحمد” لجورجي أونكوفسكي (مقدونيا الشمالية)، الحائز على جوائز في صندانس وكان وسراييفو، و”البيت الحلو” لفريل بيترسن (الدنمارك) و”الصم” لإيفا ليبرتاد (إسبانيا)، الحائزين على جوائز في بانوراما برلينالة، و”يونان” لأمير فخر الدين (ألمانيا)، الفائز في مهرجان الفيلم العربي في روتردام، أو “يوتوبيا السلتية” لدينيس هارفي ولارس لوفين (السويد)، الحائز على جائزة في أسبوع النقد في لوكارنو. كما تمثل الرسوم المتحركة بفيلم “حكايات من الحديقة السحرية” لديفيد سوكوب، جان كلود روزيك، باتريك باش وليون فيدمار (سلوفاكيا)، الذي فاز بالفعل في مهرجان جيفوني السينمائي.
بالنسبة لسونيا هاينن، المديرة العامة لـ EFP، فإن هذه الاختيارات تشهد على مدى وتنوع السينما الأوروبية: “نحن سعداء برؤية نقاد جدد ينضمون إلى لجنة التحكيم هذا العام. كل واحد منهم يجلب منظورًا فريدًا، مما يثري الحوار ويساهم في تعزيز تداول الأفلام. تعكس الأعمال العشرون المتنافسة حيوية وتعددية السينمات الأوروبية”.
من جانب مركز السينما العربية، يصر المؤسسان المشاركان علاء كركوتي وماهر دياب على أهمية هذا التعاون مع EFP: “من دواعي سرورنا دائمًا تجديد هذه الشراكة ومنح النقاد العرب الفرصة لتسليط الضوء على السينما الأوروبية في منطقتنا. تتيح هذه التبادلات أيضًا فتح آفاق جديدة لصانعي الأفلام”.
في الجونة، تؤكد المديرة الفنية ماريان خوري على أهمية هذا الحدث في ديناميكية المهرجان: “نحن فخورون باستضافة جوائز النقاد العرب للأفلام الأوروبية. هذا اللقاء بين النقاد العرب والسينما الأوروبية يجسد مهمتنا في بناء الجسور، وتعزيز الحوار بين الثقافات، وتأكيد الدور الأساسي للمهرجانات العربية في هذا التفاعل”.
منذ إنشائها في 2019، كافأت الجائزة العديد من الأعمال التي أصبحت رمزية. كانت النسخة الأولى قد كرمت الفيلم الجميل “الله موجود، اسمها بيتروينا” للمخرجة المقدونية تيونا ستروغار ميتيفسكا، وهو عمل مؤثر حول تحرير المرأة الذي كان قد ترك بصمة في برلينالة ووجد صدى واسعًا في المنطقة العربية بفضل معالجته الجريئة للتقاليد والبطرياركية. في العام التالي، تم تكريم الألماني كريستيان بيتزولد عن فيلم “أوندين”، وهو تنويع معاصر للأسطورة المائية، الذي حظي بإشادة واسعة بفضل الشعر البصري وأداء بولا بير. في 2021، عادت الجائزة للمخرج السلوفاكي بيتر كيريكس عن فيلم “107 أمهات”، وهو فيلم هجين بين الخيال والوثائقي، الذي استكشف الأمومة خلف جدران سجن أوكراني، مما أثار نقاشًا غنيًا حول تمثيل النساء والهامش.
في 2022، كان المخضرم البولندي جيرزي سكوليموفسكي قد أذهل النقاد بفيلم “إي أو”، وهو إعادة قراءة حديثة لفيلم “بالتازار” لروبرت بريسون. الفيلم، الذي روي من وجهة نظر حمار، قد غزا المهرجانات وذكر بقوة النظرات التجريبية على العالم. في 2023، تم تكريم الفنلندي آكي كوريسماكي عن فيلم “الأوراق الميتة”، وهو كرونيك حنون وملؤه الحزن حول شخصين وحيدين يلتقيان في هلسنكي، مؤكداً على الأسلوب الفريد والمينيمالي للمخرج، الذي كان قد احتفل به بالفعل في كان.
أخيرًا، في 2024، تم تكريم فيلم “بذور التين المقدس” لمحمد رسولوف، وهو فيلم إيراني رائع ذو أهمية سياسية كبيرة، الذي حاز أيضًا على عدة جوائز في كان، بما في ذلك جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ووجد صدى خاصًا في العالم العربي بفضل التزامه وقوته السردية.
تظهر هذه الاستعراضات للفائزين في النسخ الست السابقة قدرة الجائزة على تحديد أعمال ذات تنوع جمالي وموضوعي كبير، ولكن أيضًا على منحها رؤية موسعة في المنطقة العربية، حيث تلعب النقد دورًا أساسيًا كجسر ثقافي.
هذا العام، تضم قائمة النقاد المشاركين 100 ناقد، من بينهم العديد من التونسيين، مما يؤكد مكانة النقد الوطني في المشهد العربي. من بينهم لمياء ڨيڨا، إقبال زليلة، سميرة دايمي، طارق بن شعبان – المدير العام الحالي لأيام قرطاج السينمائية 2025 – وكذلك أنا، نيلة دريس، إلى جانب أقلام أخرى من جميع أنحاء المنطقة.
الجائزة، المدعومة من قبل أوروبا الإبداعية – برنامج MEDIA للاتحاد الأوروبي، تهدف إلى تعزيز تنوع الأعمال وتقدير صوت النقاد العرب، الذين يعتبرون جسورًا أساسية بين الأفلام والجماهير. بشكل أوسع، تهدف إلى تحفيز اهتمام الموزعين والمحترفين في القطاع بأعمال قد تجد صعوبة في الحصول على رؤية في المنطقة بدون هذا الدعم.
تأسس مهرجان الجونة في 2017، وفرض نفسه في أقل من عقد كمنصة لا غنى عنها للسينما العربية والدولية. بفضل صناعته، منصة سينما الجونة، يشجع اكتشاف المواهب الجديدة، ويدعم الإنتاج المشترك ويعزز التبادلات الفنية. تؤكد دمج جوائز النقاد العرب للأفلام الأوروبية في برنامجه هذه الرغبة في وضع النقد في قلب الحوار الثقافي وجعل المهرجان ملتقى حقيقيًا لسينمات العالم.
نقاش حول هذا المنشور