تحتفل أيام قرطاج السينمائية في دورتها السادسة والثلاثين هذا العام بشخصيتين بارزتين في الفن السابع: كلوديا كاردينالي، الأيقونة العالمية وابنة تونس، ووليد شميط، رائد النقد السينمائي في لبنان. مسيرتان استثنائيتان، توحدهما محبة مشتركة للسينما وارتباط عميق بالثقافة العربية.
يحمل التكريم المخصص لكلوديا كاردينالي بعدًا خاصًا. تلك التي يعرفها العالم كأيقونة أفلام فيسكونتي وفيلليني وليوني تُكرم في البلد الذي شهد ولادتها والذي لم تتوقف عن الارتباط به. تبدأ وتنتهي قصتها السينمائية في تونس، بين الوفاء والذاكرة والعاطفة.
يرافق هذا التكريم ثلاث عروض: “الخواتم الذهبية” (1956) لرينيه فوتييه ومصطفى الفارسي، “كلوديا كاردينالي: أجمل إيطالية في تونس” (1994) لمحمود بن محمود، و”كلوديا كاردينالي: تونس… الروعة والجمال” (2025) للطفي البحري. ثلاث أعمال تروي، كل منها بطريقتها الخاصة، قصة حب دائمة بين امرأة وأرضها الأم.
في تونس، في قلب تونس العاصمة، بدأت كل شيء. في سن المراهقة، فازت كلوديا كاردينالي بمسابقة “أجمل إيطالية في تونس” التي نظمتها السفارة الإيطالية. فتح لها هذا الجائزة أبواب السينما: حيث صورت أول فيلم لها، “الخواتم الذهبية”، الذي تم تصويره جزئيًا في سيدي بوسعيد. كان هذا الفيلم القصير، الذي أنتجه المركز الوطني للسينما التونسية، نقطة انطلاق لمسيرة استثنائية. من هذا التصوير، ستحتفظ دائمًا بعاطفة خاصة — تلك التي تعود لشباب تونسي تغذيه الضوء واللغة العربية والأزقة المألوفة لمدينتها الأم.
بعد عقود، تواصل كلوديا كاردينالي العودة إلى تونس، لتجدد نشاطها وتصور هناك. فيلمها الأخير، “جزيرة الغفران” (2022) لرضا الباهي، يعيدها مرة أخرى إلى هذا البلد الذي لم تتركه أبدًا من قلبها. بين هذا الدور الأول في سيدي بوسعيد وهذا التصوير الأخير في جربة، تتشكل حياة كاملة من الوفاء والحب — حياة فنانة، رغم انتمائها للعالم، لم تتوقف أبدًا عن الانتماء إلى تونس.
بتكريمها، تحيي أيام قرطاج السينمائية ليس فقط نجمة عالمية، بل أيضًا ابنة تونس، رمزًا للارتباط الذي لا ينفصم وعلاقة حية بين تونس والسينما العالمية.
في نفس الدورة، يتم تكريم وليد شميط، رائد النقد السينمائي في لبنان وشخصية محترمة في الفن السابع العربي، من خلال عرض الفيلم الوثائقي “وليد شميط، حياة في قلب السينما”، الذي أخرجه ابنه سليم صعب شميط. تكريم بسيط وعادل، يعكس صورة رجل كرس حياته لجعل الناس يحبون السينما ونقل شغفه.
نقاش حول هذا المنشور