لأول مرة منذ بداية الغزو الروسي في 2022، تضع واشنطن على الطاولة وثيقة كاملة تهدف إلى وقف الحرب من خلال إعادة تشكيل موازين القوى بدلاً من تحقيق نصر عسكري. قدمت هذه الخطة إلى فولوديمير زيلينسكي من قبل المبعوث دان دريسكول، وتضع كييف أمام خيار وجودي: قبول تنازلات مؤلمة أو مواصلة حرب نتيجتها العسكرية لا تزال غير مؤكدة، بعد ما يقرب من خمس سنوات من الاستنزاف.
يتضمن المشروع الاعتراف الفعلي بثلاثة أقاليم – القرم، دونيتسك، ولوهانسك – كأراضٍ تحت السيطرة الروسية. والأسوأ بالنسبة لكييف، أن بعض مناطق دونيتسك التي لا تزال تحت السيادة الأوكرانية ستصبح منطقة عازلة محايدة، بدون وجود عسكري روسي ولكن خارج السيطرة الفعلية لأوكرانيا. كما سيتم تجميد الجبهة في الجنوب، مما يسمح لموسكو بالاحتفاظ بماريوبول، وجزء من خيرسون، والممر البري بأكمله الذي يربط روسيا بالقرم. وهو سيناريو يكرس أحد الأهداف الاستراتيجية المركزية لفلاديمير بوتين.
في قلب النص، هناك مطلب رئيسي: كييف تتخلى نهائياً عن الناتو. يجب على أوكرانيا تعديل دستورها لتأكيد هذه الحياد، بينما تلتزم الحلف بعدم نشر قوات على أراضيها. في المقابل، تؤكد واشنطن صراحة حق كييف في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو توازن يراد منه ضمان إدماج اقتصادي بدون ضمان عسكري مباشر.
تتضمن الخطة تقليصاً كبيراً للقوات الأوكرانية إلى 600,000 جندي – وهو تراجع ملحوظ لجيش يضم اليوم ما يقرب من 880,000. في المقابل، تقدم الولايات المتحدة ضمانة أمنية: إذا هاجمت روسيا مرة أخرى، تعد واشنطن بـ”رد عسكري منسق” وإعادة فرض العقوبات فوراً. لكن هذه الضمانة تنتهي إذا ضربت أوكرانيا الأراضي الروسية، خاصة موسكو أو سانت بطرسبرغ.
يتطلب الوثيقة إجراء انتخابات عامة في غضون 100 يوم. وهو طلب حساس، حيث كانت كييف تبرر منذ عامين تأجيلها بحالة الطوارئ العسكرية.
يتضمن الخطة الاقتصادية استثماراً ضخماً: 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة موجهة لإعادة الإعمار؛ 100 مليار إضافية أوروبية؛ دعم للقطاع التكنولوجي والتعديني والطاقة الأوكراني. كما ينص النص على تخفيف تدريجي للعقوبات ضد موسكو، بالإضافة إلى صندوق استثمار مشترك بين الولايات المتحدة وروسيا بمجرد استقرار السلام.
يتطلب الخطة عودة جميع المدنيين المحتجزين، بما في ذلك الأطفال الأوكرانيين الذين نقلوا إلى روسيا. كما ينص على عفو عام للمقاتلين من كلا الجانبين، وضمان الوصول إلى الملاحة الأوكرانية على نهر دنيبرو، ودور مركزي للولايات المتحدة في مجلس سلام يرأسه دونالد ترامب.
النقطة الأخيرة ذات الدلالة: إعادة دمج روسيا في مجموعة الثمانية، التي تم استبعادها منها بعد ضم القرم في 2014. سيكون هذا العودة مشروطاً بالامتثال للاتفاق، لكنه سيشكل رمزياً تطبيعاً دولياً لنظام فلاديمير بوتين.
نقاش حول هذا المنشور