ما يزال البون شاسع بين المواقف الشعبية الأوروبية من العدوان على غزة والموقف الرسمي والاعلامي الغربي مما يحدث في القطاع المحاصر، فبينما تخرج المظاهرات بشكل دوري رافعة شعار “الحرية لفلسطين”، ما تزال السياسات الاوروبية ملتزمة بدعم الكيان الصهيوني في مجازره.
الأمر في بعض البلدان الاوروبية لم يقف عند الدعم بل تعداه لتحديد عدد من المصطلحات دون غيرها تعتمد في وصف الاجرام الإسرائيلي على المدنيين العزّل، فمثلا يحرّم أن يوصف ما يحدث في غزة بالمجزرة في حين لك أن تنتقي من مرادفات الارهاب ما تشاء لوصف مقاومة الفلسطينيين.
وفي هذا السياق واجه الممثل الأعلى الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أمس “احتجاجا صامتا” خلال منتدى الاتحاد الأوروبي والمنظمات غير الحكومية في بروكسل، من قبل بعض المشاركين الذين غادروا الصالة عندما وصف ما يحدث في قطاع غزة بأنه “مجزرة”.
وإعتبر المنسحبون أن بوريل وقع في المحظور وإستعمل كلمة “محرمة” على الساسة الغربيين، رغم أن المعني أرفق كلمة المجزرة بعبارة “أخرى” بعد “تلك التي نفذتها حركة حماس جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر” المنصرم، لكن ذلك لم يغفر له “الزلّة”.
ونقلت وكالة آكي الايطالية عن بوريل قوله: “تتواصل اليوم الأحداث الرهيبة في إسرائيل وفلسطين والتي بدأت بهجوم إرهابي أدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز أكثر من 200 رهينة” في قطاع غزة.
وتابع منسق الدبلوماسية، في إشارة إلى الجناح العسكري لحركة حماس “بالتأكيد إنه عمل إرهابي ضد المدنيين العزل وبعد ذلك شهدنا مجزرة. لكن ما نراه في غزة (الآن) هو مجزة أخرى لا نعرف عدد ضحاياها: يقدرهم البعض بـ 15 ألفاً، لكني أخشى أن يكون كثيرون آخرون تحت الأنقاض. كثيرون منهم أطفال”.
ولدى علمه أن بعض المشاركين في المنتدى بدأوا في مغادرته، تساءل بوريل “إنهم يغادرون لماذا؟”. ثمّ تابع: “ربما قلت شيئا غير لائق، لكن الأمم المتحدة قالت بوضوح إن ما حدث في جنوب إسرائيل كان مجزرة، لكن ما يحدث في غزة هو مجزرة أخرى. لأنه لا يمكن قبول هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين”.
وخلص إلى القول: “من الواضح أن إسرائيل يجب أن تدافع عن نفسها، لكن رعباً واحداً لا يمكن أن يبرر رعباً آخر. والمجتمع الدولي بدأ يرفع صوته أكثر فأكثر حتى يتوقف هذا الرعب”، إلا أن كل ذلك لم يشفع له ما بدر منه.
ويواجه أهالي القطاع المحاصر “المجاعة” فعليا فضلا عن التقتيل الممنهج، سواء وصف بوريل ذلك بالمجزرة أم لم يصف، فالمساعدات التي دخلت إلى الأهالي خلال الهدنة الهشة التي دامت 7 أيام تكاد تنفذ فعليا وفق وصف تقارير أممية وحقوقية.
كما باتت غزة كلها “مكان غير آمن” من انتهاكات الاحتلال وأصبحت كلها مرمى لنيران طيرانه ومدفعيته.
وكتب رئيس قسم الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، في منشور على مدونة (إكس) اليوم الثلاثاء، أنه “في كل مرة نخال فيها أن الأمور لا يمكن أن تكون أكثر فظاعة في غزة، فهي كذلك حقا”.
ورأى غريفيث، أن “في قطاع غزّة ليس هناك أي مكان آمن، لا في المستشفيات، الملاجئ أو مخيمات اللاجئين، لا أحد بمأمن من الخطر، لا الأطفال، كوادر المجال الصحي أو العاملين في المجال الإنساني”.
نقاش حول هذا المنشور